بخلقه (حَكِيمٌ) (٥٩) في أمره.
قوله : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ) : أي التي قعدت عن المحيض والولد (اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً) : أي اللاتي لا يردن نكاحا ، قد كبرن عن ذلك (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) : أي غير متزيّنة ولا متشوّفة. [قال قتادة : رخّص للتي لا تحيض ولا تحدّث نفسها بالأزواج أن تضع جلبابها] (١) وأمّا التي قعدت عن المحيض ولم تبلغ هذا الحدّ فلا. والجلباب الرداء الذي يكون فوق الثياب ، وإن كان كساء أو ساجا (٢) أو ما كان من ثوب.
قال : (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ) يعني اللاتي لا يرجون نكاحا عن ترك الجلباب (خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). (٦٠)
قوله : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) : قال الكلبيّ : إنّ أهل المدينة قبل أن يسلموا كانوا يعتزلون الأعمى والأعرج والمريض ولا يواكلونهم. وكانت الأنصار فيهم تنزّه وتكرّم ، فقالوا : إنّ الأعمى لا يبصر طيّب الطعام ، والأعرج لا يستطيع الزحام عند الطعام ، والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح ، فاعزلوا لهم طعامهم على ناحية ، وكانوا يرون أنّ عليهم في مواكلتهم جناحا. وكان الأعمى والأعرج والمريض يقولون : لعلّنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم ، فاعتزلوا مواكلتهم ، فأنزل الله : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) أي : ليس عليكم حرج في ذلك ولا على الذين تأثّموا من أمرهم ، ليس عليهم في ذلك حرج.
وبعضهم يقول : كان قوم من أصحاب النبيّ عليهالسلام يغزون ويخلفون على منازلهم من يحفظها ، فكانوا يتأثّمون أن يأكلوا منها شيئا. فرخّص لهم أن يأكلوا منها. وقال بعضهم : كانوا يخلفون عليها الأعمى والأعرج والمريض والزّمنى الذين لا يخرجون في الغزو فرخّص لهم أن يأكلوا منها.
__________________
(١) زيادة من ز ورقة ٢٣٦ ، وقد سقطت في ب وع وسع أيضا ، ولا بد من إثباتها حتّى يكون لشرح معنى الجلباب الآتي معنى.
(٢) الساج هو الطيلسان الكثيف. انظر اللسان : (سوج).