فانتهرها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : أليس يقول الله : (وَإِنْ مِنْكُمْ ، إِلَّا وارِدُها) فقال النبيّ عليهالسلام : أوليس قد قال : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) (١). ذكر بعضهم قال : يضرب الصراط على جهنّم كحدّ السيف ، دحض (٢) مزلّة ، فيمرّون عليه كالبرق وكالريح ، وكانقضاض الطير ، وكجواد الخيل ، وكجواد الرجال والملائكة [بجنبي الصراط معهم خطاطيف] (٣) كشوك السعدان ، فناج سالم ، ومخدوش ناج ، ومكدوس (٤) في النار ، والملائكة يقولون : ربّ سلّم سلّم.
ذكروا عن ابن مسعود أنّه قال : يضرب الصراط على جهنّم ، فيمرّ الناس على قدر أعمالهم : أوّلهم كلمع البرق ، وكمرّ الريح ، وكمرّ الطير ، ثمّ كأسرع البهائم ، ثمّ يمرّ الرجل سعيا ، ثمّ يمرّ الرجل مشيا ، وتزلّ قدم وتستمسك أخرى. قال عبد الله بن مسعود : حتّى يكون آخرهم رجل يتلبّط على بطنه ، فيقول : يا ربّ ، لم أبطأت بي؟ فيقول : لم أبطئ بك ، وإنّما أبطأ بك عملك. وقال بعضهم : بلغنا أنّ الصراط ثلاث عواقب (٥).
قوله : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) : (٧٢) أي جاثين على ركبهم. وقال بعضهم : جماعة جماعة.
قوله : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ) : نحن وأنتم (خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) (٧٣) : المقام : المسكن ، والنديّ : المجمع. وقال بعضهم
__________________
(١) أخرجه أحمد في مسنده بهذا اللفظ ، وأخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل أصحاب الشجرة ، أهل بيعة الرضوان ، رضي الله عنهم ، (رقم ٢٤٩٦) عن أمّ مبشّر ، وهي امرأة زيد بن حارثة «أنّها سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول عند حفصة ...». وأخرجه ابن جرير الطبريّ أيضا عن جابر عن أمّ مبشّر. ولفظه في تفسيره ج ١٦ ص ١١٢ : «إنّي لأرجو ألّا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية».
(٢) يقال : مكان دحض ، ومدحض ، أي : موضع تزلق فيه الرّجل. واللفظ عند الطبريّ : «مدحضة مزلّة».
(٣) زيادة من سع ورقة ٢٤ و.
(٤) كذا في ع : «مكدوس» ، وفي سع : «مكردس» وقد ورد اللفظان في بعض روايات الحديث. ومعنى الأولى : مدفوع ؛ وفي اللسان : تكدّس الإنسان إذا دفع من ورائه فسقط. ومعنى مكردس : الموثق الملقى في النار. وأكثر ألفاظ هذا الأثر وردت في حديث رواه مسلم في صحيحه : «قيل : يا رسول الله ، وما الجسر؟ قال : دحض مزلّة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك».
(٥) كذا في ع وب : «ثلاث عواقب» ، ولم ترد الجملة في سع. وإذا كانت الكلمة جمعا لعقبة ، فإنّ كتب اللغة لم تذكر هذا الجمع ، ولست مطمئنّا لصحّة الكلمة فلعلّ فيها تصحيفا.