قوله : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) : الغيب ههنا القيامة. أي : لا يعلم مجيئها إلّا الله (وَما يَشْعُرُونَ) : أي وما يشعر جميع الخلق (أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (٦٥) : متى يموتون ومتى يبعثون (١).
قوله : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) : أي علموا في الآخرة أنّ الأمر كما قال الله ، فآمنوا حين لم ينفعهم علمهم ولا إيمانهم.
وقال الحسن : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) على الاستفهام ، أي : تبعا للاستفهام الأوّل ، أي : لم يبلغ علمهم في الآخرة ، أي : لو بلغ علمهم أنّ الآخرة كائنة لآمنوا بها في الدنيا كما آمن بها المؤمنون. وقال بعضهم : إنّ علمهم بذلك لم يبلغ في الدنيا ؛ يسفّههم بذلك.
وقال مجاهد : معناه عندي : (أم أدرك) أي : لم يدرك ؛ وهو مجامع (٢) للقول الأوّل الذي ذكرنا قبله.
قال : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها) : أي من الآخرة (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) (٦٦) : أي عموا عن الآخرة. وقال الكلبيّ : (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) أي : لا يدرون ما الحساب فيها وما العذاب.
قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا) : على الاستفهام (٣) (أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ) (٦٧) : أي لمبعوثون. كقوله : (أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) (٦٦) [مريم : ٦٦] أي : لا نبعث. وهذا على الاستفهام ، استفهام منهم على إنكار.
قوله : (لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ) : أي فلم نبعث. فهذا قول مشركي العرب ، أي : قد وعدت آباؤنا من قبل بالبعث كما وعدنا محمّد ، فلم نرها بعثت. يعني من كان من العرب على عهد موسى. وقد كان موسى يومئذ حجّة على العرب ، وهو قوله : (قالُوا لَوْ لا) أي : هلّا (أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) يعنون محمّدا. يقولون : هلّا أعطي محمّد مثل ما أعطي موسى من
__________________
(١) كذا في المخطوطات : «متى ... ومتى» وفي ع : «أين يموتون ومتى يبعثون».
(٢) كذا في ب وع : «مجامع» أي : شبيه. ولم ترد هذه الكلمة في سع ولا في سح. وانظر تفسير الطبريّ ، ج ٢٠ ص ٦.
(٣) هذا على قراءة من قرأها : (أيذا). باختلاس الياء ، وهي قراءة عاصم وغيره ، وقد قرأها نافع (إذا) على الخبر لا على الاستفهام.