تفسير سورة الأحزاب وهي مدنيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) : أي في الشرك بالله (وَالْمُنافِقِينَ) : أي ولا تطع المنافقين حتّى تكون وليجة في الدين. والوليجة أن يدخل في دين الله ما يقارب به المنافقين. قال : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (١).
قوله : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (٢) : يعني العامّة (١).
قوله : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٣) : أي وكفى به متوكّلا عليه. وقال في آية أخرى : (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (١٧٣) [آل عمران : ١٧٣] أي : ونعم المتوكّل عليه.
قوله : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) : تفسير مجاهد أنّ رجلا من المشركين من بني فهر قال : إنّ في جوفي لقلبين أعقل بكلّ واحد منهما أفضل من عقل محمّد [وكذب] (٢).
وتفسير الكلبيّ أنّ رجلا من قريش يقال له جميل كان حافظا لما يسمع ؛ فقالت قريش : ما يحفظ جميل ما يحفظ بقلب واحد ، إنّ له لقلبين (٣).
__________________
(١) في ع : «يعني القيامة» ، وفي ب : «يعني القيمة». وفي كلّ منهما تصحيف صوابه ما أثبتّه من سح : «يعني العامّة». يقصد المؤلّف تغيير الخطاب في الآية من المفرد إلى الجماعة ، أي : عامّة الناس.
(٢) زيادة من سح ، ورقة ١٠٩ ، ومن تفسير مجاهد ، ص ٥١٣.
(٣) أورد الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣٣٤ سببا لنزول الآية فقال : «إنّما جرى ذكر هذا الرجل كان يقال له جميل بن أوس يكنّى أبا معمر. وكان حافظا للحديث كثيره ؛ فكان أهل مكّة يقولون : له قلبان وعقلان من حفظه ، فانهزم يوم بدر ، فمرّ بأبي سفيان وهو في العير ، فقال : ما حال الناس يا أبا معمر؟ قال : بين مقتول وهارب. قال : فما بال إحدى نعليك في رجلك والأخرى في يدك؟ قال : لقد ظننت أنّهما جميعا في رجل!. فعلم كذبهم في قولهم : له قلبان». وقال الأخفش في معاني القرآن ، ج ٢ ص ٦٦٠ : «قال : (مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) إنّما هو : ما جعل الله لرجل قلبين في جوفه ، وجاءت (من) تأكيدا ، كما تقول : رأيت زيدا نفسه ، ـ