تفسير سورة الملائكة (١) وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) : حمد نفسه ، وهو أهل الحمد. (فاطِرِ) : أي خالق (السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) : أي جعل من شاء منهم لرسالته إلى الأنبياء ، وهو قوله : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) [الحج : ٧٥]. قال : (أُولِي أَجْنِحَةٍ) : أي ذوي أجنحة (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) : قال بعضهم : منهم من له جناحان ، ومنهم من له ثلاثة أجنحة ، ومنهم من له أربعة أجنحة.
ذكروا عن كعب أنّه قال : إنّ أقرب الملائكة إلى الله إسرافيل ، وله أربعة أجنحة ، جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ، وقد تسرول بالثالث ، والرابع بينه وبين اللوح المحفوظ ؛ فإذا أراد الله أمرا أن يوحيه جاء اللوح المحفوظ حتّى يصفق جبهة إسرافيل ، فيرفع رأسه فينظر ، فإذا الأمر مكتوب ؛ فينادي جبريل ، فيلبّيه ، فيقول : أمرت بكذا ، أمرت بكذا. فلا يهبط جبريل من سماء إلى سماء إلّا فزع أهلها مخافة الساعة ، حتّى يقول جبريل : الحقّ من عند الحقّ ، فيهبط على النبيّ فيوحي إليه. ذكروا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : إنّ لله نهرا في الجنّة يغتمس فيه جبريل كلّ يوم ، ثمّ ينتفض ، فما من قطرة تقطر من ريشه إلّا خلق الله منها ملكا (٢).
ذكروا عن مجاهد أنّه قال : يدخل جبريل نهر النور سبعين مرّة كلّ يوم فيغتسل فيه ، ثمّ يخرج فينتفض فتسقط منه سبعون ألف قطرة ، تعود كلّ قطرة ملكا يسبّح الله إلى يوم القيامة.
ذكروا عن عبد الله (٣) بن عمر قال : بلغني أنّ في السماء ملكا قد عظّمه الله وشرّفه ، فيه
__________________
(١) كذا ورد اسم السورة في ب ، وع ، وسح ، وز : «سورة الملائكة» وكذلك جاء في مجاز أبي عبيدة. وجاء في معاني الفرّاء ، وفي تفسير غريب القرآن لابن قتيبة باسم (فاطر) كما هو في مصاحفنا اليوم.
(٢) أخرجه ابن سلّام بهذا السند : «وأخبرني أبو الجارود عن عطيّة العوفيّ عن أبي سعيد الخدريّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...». وفي هذه الأخبار التي ترفع أحيانا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم كثير من الإسرائيليّات. وعالم الملائكة من عوالم الغيب ، فما جاء فيه آية بيّنة أو سنّة صحيحة قبلناه ، وفوّضنا أمر تفاصيله إلى الله ، وما ليس كذلك رفضناه ولا كرامة.
(٣) كذا في ب وج : «عبد الله» ، وفي سح : «عبيد الله».