تفسير سورة الصّافّات وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) (١) : يعني صفوف الملائكة (١) ذكروا عن عطاء قال : ليس في السماوات موضع شبر إلّا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد.
ذكروا عن محمّد بن المنكدر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أطّت السماء ، أي : صوّتت ، وحقّ لها أن تئطّ ، ليس فيها موضع شبر إلّا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد(٢).
قال : (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) (٢) : أي الملائكة تزجر السحاب ، منهم صاحب الصور (٣). قال في آية أخرى : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) (١٣) [النازعات : ١٣] قال :
(فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) (٣) : يعني الملائكة تتلو الوحي الذي تأتي به الأنبياء. أقسم بهذا كلّه. (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) (٥) : ذكر بعضهم فقال : لها ثلاثمائة وستّون مشرقا وثلاثمائة وستّون مغربا. وقال بعضهم : هي ثمانون ومائة منزلة ، تطلع كلّ يوم في منزلة ، حتّى تنتهي إلى آخرها ، ثمّ ترجع في تلك الثمانين ومائة ، فتكون ثلاثمائة وستّين ، فهي كلّ يوم في منزلة.
وقال بعضهم في قوله : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) (١٧) [الرحمن : ١٧] قال : لها مشرق في الشتاء ومشرق في الصيف ، ومغرب في الشتاء ومغرب في الصيف. وقوله : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) [المزّمّل : ٩] أي : ربّ المشرق كلّه وربّ المغرب كلّه.
__________________
(١) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٦٦ : (وَالصَّافَّاتِ) ، كلّ شيء بين السماء والأرض لم يضمّ قتريه [أي : قطريه] فهو صافّ».
(٢) انظر تخريجه فيما سلف ، ج ٢ ، تفسير آخر آية من سورة الأعراف.
(٣) المعنى أعمّ من ذلك. قال ابن عاشور في التحرير والتنوير ، ج ٢٣ ص ٨٤ : «والمراد به : تسخير الملائكة المخلوقات التي أمرهم الله بتسخيرها خلقا أو فعلا ، كتكوين العناصر ، وتصريف الرياح ، وإزجاء السحاب إلى الآفاق».