البحر ، فدار في البحر ثمّ رجع إلى دجلة ، فثمّ نبذ بالعراء ، فأرسل إليهم بعد ذلك. قال الله : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ).
قال الحسن : فأعاد الله له الرسالة فآمنوا عن آخرهم ، ولم يشذّ منهم أحد. وقال مجاهد : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) قبل أن يلتقمه الحوت. قوله : (وَهُوَ مُلِيمٌ) أي : مذنب في تفسير مجاهد (١).
قال الله : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٤٤) : قال : فلو لا أنّه كان من المصلّين في الرخاء قبل ذلك. ويقال : إنّ العمل الصالح يقي الرجل مصارع السوء.
وقال الحسن : [أما والله ما هو بالمسبّح قبل ذلك ، ولكنّه لّما التقمه الحوت أنشأ يقول : سبحان الله ، سبحان الله] (٢) ، وقوله : (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي : لكان بطن الحوت له قبرا إلى يوم القيامة.
قوله : (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) (١٤٥) : وقد فسّرناه قبل هذا الموضع. (وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (١٤٧) : أي بل يزيدون.
قوله : (فَآمَنُوا) : قد فسّرنا كيف كان إيمانهم في أوّل حديثهم. قال الله : (فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (١٤٨) : إلى الموت ، أي : إلى آجالهم ، ولم يهلكهم بالعذاب.
قوله : (فَاسْتَفْتِهِمْ) : أي فاسألهم ، يعني المشركين (أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ) (١٤٩) : وذلك لقولهم إنّ الملائكة بنات الله. قال : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ) أي : البنات (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) أي : الغلمان (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) [النحل : ٦٢].
__________________
(١) يقال : ألام الرجل إلامة ، فهو مليم : إذا أتى ما يلام عليه. وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣٩٣ : "(وَهُوَ مُلِيمٌ) وهو الذي قد اكتسب اللّوم وإن لم يلم. والملوم الذي قد ليم باللسان. وهو مثل قول العرب : أصبحت محمقا معطشا ، أي : عندك الحمق والعطش. وهو كثير في الكلام».
(٢) زيادة وتفصيل من سح ورقة ٢٠٥ ، ففي ب وع جاءت العبارة هكذا : «وقال الحسن : كان يسبّح في بطنه».