قوله : (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ) (١٥٠) : أي لخلقهم ، أي : لم نفعل ، ولم يشهدوا خلقهم ، وهو كقوله : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) [الزخرف : ١٩] أي : لم يشهدوا خلقهم.
قال الله : (أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ) : أي من كذبهم (لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللهُ) : أي ولد البنات ، يعنون الملائكة. قال : (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (١٥٢).
(أَصْطَفَى الْبَناتِ) : أي أختار البنات (عَلَى الْبَنِينَ) (١٥٣) : أي لم يفعل (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ) (١٥٦) : أي حجة بيّنة ، على الاستفهام (فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ) : أي الذي فيه حجّتكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٥٧) : أي إنّ الملائكة بنات الله ، أي : ليس لكم بذلك حجّة.
قوله تعالى : (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) : ذكروا أنّ اليهود قالت : إنّ الله صاهر الجنّ فكانت من بينهم الملائكة. قال الله : (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١٥٨) : أي مدخلون في النار (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (١٥٩) : ينزّه نفسه عمّا يكذبون.
وقال بعضهم : قال مشركو العرب : إنّه صاهر الجنّ. وقال : الجنّ صنف من الملائكة فكانت له منهم بنات.
قوله : (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٦٠) : أي المؤمنين. وهذا من مقاديم الكلام يقول : (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) يعني الذين جعلوا بينه وبين الجنّة نسبا.
قوله : (فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١٦٣) [قال الحسن : ما أنتم عليّ بفاتنين ، يا بني إبليس ، إنّه ليس لكم سلطان إلّا على من هو صال الجحيم] (١).
وبعضهم يقول : (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) أي : ما أنتم بمضلّين أحدا يا بني إبليس ، إلّا من هو
__________________
(١) زيادة من سح ، س رقة ٢٠٧. وانظر في معاني الفرّاء ، ج ٢ ص ٣٩٤ مختلف وجوه قراءة قوله : (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ).