تفسير سورة مريم وهي مكّيّة كلّها (١)
بسم الله الرحمن الرحیم قوله : (كهيعص) (١) : كان الكلبيّ يقول : كاف ، هاد ، عالم ، صادق ؛ ويقول : كاف لخلقه ، هاد لعباده ، عالم بأمره ، صادق في قوله. وكان الحسن يقول : لا أدري ما تفسيره ، غير أنّ قوما من أصحاب النبيّ عليهالسلام كانوا يقولون : أسماء السور ومفاتيحها.
قال : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) (٢) : يقول : ذكره لزكرياء رحمة من الله له (٢).
(إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) (٣) : أي دعاء لا رياء فيه ، في تفسير الحسن. وقال قتادة : (خفيّا) : سرّا.
(قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) : أي ضعفت العظام منّي ، في تفسير قتادة. وقال الحسن : ضعف. قال يحيى : ضعف العظم منّي : رقّ. قال : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ) : أي لم أكن بدعائي إيّاك (رَبِّ شَقِيًّا) (٤) : يقول : لم أزل بدعائك سعيدا ، لم تردده عليّ. وقال الكلبيّ : لم يكن دعائي ممّا يخيب عندك.
قوله : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) : أي الورثة من بعدي ، يعني العصبة وهو تفسير
__________________
(١) لم أتمكّن من الحصول في مخطوطة القرارة ، ولا في مخطوطة جربة على الربع الثالث من هذا التفسير. وهذا الربع الثالث منه موجود في مخطوطة العطف ونقص من أوّله نحو ورقة من القطع الكبير ؛ وموجود أيضا في مكتبة القطب ببني يسجن ، التي لا يوجد فيها من كامل الكتاب إلّا هذا الربع. وأرمز له بحرف الباء هكذا : ب. وقد ضاع منه أيضا نحو ورقة من القطع المتوسّط. ورأيت من الأحسن ، لاستكمال هذا النقص أن أرجع إلى مخطوطة تفسير ابن سلّام نفسه ، فنقلت منها تفسير الآيات الأولى من هذه السورة.
(٢) هذا وجه من وجوه تأويل الآية ، وللآية وجوه أخرى ذكرها المفسّرون تتّضح بإعرابها. فمنها ما أورده أبو الفتح ابن جنّي في كتابه المحتسب ، ج ٢ ص ٣٧ عند ما أشار إلى قراءة الحسن : (ذكّر رحمة ربّك) قال : «فاعل ذكّر ضمير ما تقدّم ، أي : هذا المتلوّ من القرآن الذي هذه الحروف أوّله وفاتحته يذكّر رحمة ربّك ... وعلى هذا أيضا يرتفع قوله : (ذكر رحمة ربّك) ، أي هذا القرآن ذكر رحمة ربّك. وان شئت كان تقديره : ممّا يقصّ عليك ، أو يتلى عليك ذكر رحمة ربّك عبده زكرياء».