تفسير سورة الأنبياء وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) : أي إنّ ذلك قريب. ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّما مثلي ومثل الساعة كهاتين (١) وجمع بين أصبعيه الوسطى والتي يقول لها الناس : السبّابة.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : حين بعث إليّ بعث إلى صاحب الصور فأهوى به إلى فيه ، وقدّم رجلا وأخّر أخرى ، ينظر متى يؤمر فينفخ ، ألا فاتقوا النفخة الأولى (٢).
قوله عزوجل : (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (١) : يعني المشركين في غفلة عن الآخرة ، معرضون عن القرآن.
(ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) : أي كلّما نزل من القرآن شيء أعرضوا عنه. قال عزوجل : (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) : (٢) أي يسمعونه بآذانهم ولا تقبله عقولهم.
قال بعضهم : لّما نزلت هذه الآية قال أناس من أهل الضلالة : زعم صاحبكم أنّ الساعة قد اقتربت ؛ فتناهوا قليلا ؛ قال : ليس يعني عن شركهم ، ثمّ قال أناس من أهل الضلالة : يزعم هذا الرجل أنّه قد أتى أمر الله؟ فتناهوا قليلا ثمّ عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء ، فلمّا نزل : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) [النحل : ١] ، فأنزل الله في سورة هود : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ) قال الله عزوجل : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) [هود : ٨] يعني العذاب.
__________________
(١) حديث صحيح رواه أحمد والشيخان وغيرهم عن أنس بن مالك وعن سهل بن سعد وعن جابر بن عبد الله. أخرجه البخاريّ مثلا في كتاب الرقاق ، باب قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين». وأخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة ، باب قرب الساعة ، (رقم ٢٩٥٠ و ٢٩٥١). ولفظه عند مسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين» ، وفي رواية له : «بعثت أنا والساعة هكذا».
(٢) أخرجه أحمد في مسنده بألفاظ مشابهة عن أبي سعيد الخدريّ ، وفيه : «كيف أنعم وصاحب الصور قد التقمه؟ ...».