بل الملك الذي أعطي سليمان بن داود. فيقول الله : قد كان سليمان يعمل بطاعتي ، فيحتجّ عليه بذلك.
ذكر الحسن أنّ أيّوب لم يبلغه شيء يقوله الناس كان أشدّ عليه من قولهم : لو كان نبيّا ما ابتلي بالذي ابتلي به. فدعا الله فقال : اللهمّ إنّك تعلم (١) أنّي لم أعمل حسنة في العلانية إلّا عملت مثلها في السرّ ، فاكشف ما بي من الضرّ ، وأنت أرحم الراحمين. فاستجاب الله له ، فوقع ساجدا ، وأمطر عليه فراش الذهب ، فجعل يلتقطه ويجمعه.
قوله عزوجل : (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) (٨٤) : أي أنّ الذي كان ابتلي به أيّوب لم يكن من هوانه على الله ، ولكن أراد الله كرامته بذلك. وجعل ذلك عزاء للعابدين بعده فيما يبتلون به. وهو قوله عزوجل : (وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ).
قوله عزوجل : (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) (٨٥) : ذكروا أنّ ذا الكفل لم يكن نبيّا ، ولكنّه كان عبدا صالحا تكفّل بعمل رجل صالح عند موته ، كان يصلّي لله كلّ يوم مائة صلاة ، فأحسن الله عليه الثناء (٢). وذكروا عن مجاهد أنّه قال : ذو الكفل كان رجلا صالحا ، وليس بنبيّ تكفّل لنبيّ بأن يكفل له (٣) أمر قومه ويقيمه لهم ، ويقضي بينهم بالعدل.
قوله عزوجل : (وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٨٦) : والصالحون هم أهل الجنّة.
قوله عزوجل : (وَذَا النُّونِ) : يعني يونس. وقال عزوجل في آية أخرى : (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) [سورة ن : ٤٨] ، والحوت هو النون. (إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) : أي لقومه (٤)
__________________
(١) كذا في ب وع : «إنّك تعلم» ، وفي سع ورقة ٣٦ و : «إن كنت تعلم».
(٢) وذهب بعض المفسّرين كالحسن وعطاء إلى أنّه كان نبيّا. ومال الحافظ ابن كثير في تفسيره ج ٤ ص ٥٨٣ إلى هذا القول وقال : «إنّه ما قرن مع الأنبياء إلّا وهو نبيّ». والله أعلم. وصرّح الإمام ابن عاشور أنّه نبيّ وإن اختلف في تعيينه ؛ هل هو إلياس ، أو هو خليفة اليسع في نبوّة بني إسرائيل. وعلى كلّ فهو نبيّ من أنبياء بني إسرائيل. انظر : ابن عاشور التحرير والتنوير ، ج ١٧ ص ١٢٩.
(٣) كذا في ب وع وسع : «بأن يكفل». وفي تفسير الطبريّ ، ج ١٧ ص ٧٤ : «بأن يكفيه أمر قومه».
(٤) كذا في المخطوطات ، وهو وجه صحيح من التأويل ذكره بعض المفسّرين مثل ابن عبّاس والضحّاك. وقال ـ