تفسير سورة الحجّ
وهي كلّها مدنيّة إلّا أربع آيات مكّيّات (١)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ) : أي تعرض (٢) (كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) (٢). وهذه النفخة الآخرة.
ذكروا عن الحسن قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مسير له ، قد فرّق بين اصحاب له السير ، إذ نزلت الآية. فرفع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بها صوته فقال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) حتى انتهى إلى قولة : (وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ).
فلمّا سمعوا صوت نبيّهم اعصو صبوا به (٣) ، فتلاها عليهم ، ثمّ قال : هل تدرون أيّ يوم ذلكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : ذلكم يوم يقول الله لآدم : يا آدم قم ابعث بعث النار. قال : ربّ ، وما بعث النار؟ قال : من كلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إنسانا إلى النار ، وواحد إلى الجنّة. فلمّا سمعوا ما قال نبيّهم أبلسوا (٤) حتّى ما يجلى أحدهم عن واضحة (٥). فلمّا رأى ما بهم قال :
__________________
(١) في بعض المخطوطات وفي ز ورقة ٢١٩ إشارة إلى هذه الآيات المكّيّات ، وهي من قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى) إلى قوله : (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) الآيات : ٥٢ ـ ٥٥.
(٢) كذا في المخطوطات وفي سع وفي ز : «(تذهل) أي : تعرض». وأصحّ منه وأحسن تأويلا ما قاله أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٤٤ : «أي : تسلو وتنسى». وما أكّده ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ٢٩٠ إذ قال : «تسلو عن ولدها وتتركه».
(٣) اعصو صبوا ، أي : اشتدّوا إليه وتجمّعوا حوله. وانظر اللسان : (عصب).
(٤) أبلسوا : سكتوا من كثرة الحيرة وشدّة الحزن. ومن معاني الإبلاس : اليأس.
(٥) كذا في ب وع ، وفي سع وفي ز : «ما يجلى أحدهم بواضحة». وفي بعض التفاسير : «حتّى ما أوضحوا بضاحكة» ومعنى العبارات : حتّى ما يبيّن ولا يكشف عن سنّ ضاحكة ، وهي كناية عن الوجوم وعدم التبسّم أو الضحك يقال : «فلان ضحوك السّنّ». وفي الدعاء : «أضحك الله سنّك». انظر اللسان : ـ