والقرآن. فذكر ذلك للحسن فقال : ما نسمع إلّا أنّه عبد الله ابن سلام (١).
ذكروا عن أبي قلابة عن عبد الله بن سلام قال : أنزل الله فيّ آيتين حيث يقول : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٤٣) [الرعد : ٤٣] وقوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ، إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ).
قال : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٠) : أي المشركين الذين يلقون الله بشركهم.
قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) : ذكروا عن أبي المتوكّل الناجي قال : كان أوّل إسلام أبي ذرّ أنّه جاء يطلب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فكان في أستار الكعبة خمسة عشر يوما يخرج بالليل ، يطوف بالبيت ، ويشرب من ماء زمزم ، ليس له طعام ولا شراب غيره. فبينما هو كذلك إذا نبيّ الله ذات ليلة ومعه أبو بكر ، فرآهما فعرف النبيّ بالنعت. فعرض النبيّ عليهالسلام الإسلام فأسلم. فقال له النبيّ عليهالسلام : اذهب فادع قومك ، فذهب ، فلقي زعيما لهم كانوا يأتمرون به ولا يعصونه في الأمر إذا أمرهم. فقال له أبو ذرّ : إنّي تركت الظهر (٢) بمكّة غاليا ، فاجلب إليها ظهرا فإنّك تصيب به بمنى. فجلب إليها ظهرا فأصاب به بمنى. فلقيه نبيّ الله عليهالسلام ، فعرض عليه الإسلام فأسلم. ثمّ قال له النبيّ عليهالسلام : اذهب فادع لي قومك فأتاهم فقال : يا قوم ، أطيعوني هذه المرة ثمّ اعصوني. قالوا : وما ذلك؟ قال : أسلموا تدن لكم العجم ، وتعترف لكم العرب ، فتفرّقوا ونفروا عنه ، وقالوا : ما كنّا نراك تقول لنا هذا.
ثمّ تلاوموا بينهم وتراجعوا ، ثمّ قالوا : أليس صاحبنا الذي عرفنا يمنه وحسن رأيه في الأمر إذا أمرنا ، فما لنا هذه المرّة؟ فرجعوا إليه فقالوا : ما هذا الذي تعرض علينا؟ فقال : أسلموا تدن
__________________
(١) وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٥١ : «شهد رجل من اليهود على مثل ما شهد عليه عبد الله بن سلام من التصديق بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم وأنّه موصوف في التوراة ، فآمن ذلك الرجل واستكبرتم».
(٢) الظهر : الركاب ، أي الإبل التي يركب عليها ويحمل في السفر الطويل ، وفي الحديث : «من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له». أخرجه مسلم في كتاب اللقطة ، باب استحباب المؤاساة بفضول المال (١٧٢٩).