لكم العجم وتعترف لكم العرب ، فأسلموا. فبلغ ذلك قريشا فقالوا : إنّ غفارا لحلفاء (١) ، فلو كان هذا خيرا ما سبقونا إليه ، فأنزل الله في ذلك : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ).
قال الله عزوجل : (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ) : أي بالقرآن (فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) (١١).
قال : (وَمِنْ قَبْلِهِ) : أي ومن قبل هذا القرآن (كِتابُ مُوسى إِماماً) : يعني التوراة يهتدون به (وَرَحْمَةً) : أي لمن آمن به (وَهذا كِتابٌ) : يعني القرآن (مُصَدِّقٌ) : أي للتوراة والإنجيل (لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) : أي أشركوا (وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) (١٢) : يعني المؤمنين بالجنّة.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) : أي على ذلك وعلى الفرائض التي فرضها الله عليهم (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١٣). ذكروا أنّ أبا بكر قرأ هذه الآية فقالوا له : وما الاستقامة يا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : لم يشركوا. وذكروا عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنّه قال : ثمّ استقاموا على الفرائض ، لم يروغوا روغان الثعلب.
قال : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) : أي لا يخرجون منها ولا يموتون. (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٤) : أي على قدر أعمالهم.
قال : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) : أي حملته بمشقّة ووضعته بمشقّة ، (وَحَمْلُهُ) : أي في البطن (وَفِصالُهُ) : أي وفطامه (ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) : أي إذا احتلم ، وبعضهم يقول : عشرين سنة (٢) ، (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ
__________________
(١) كذا وردت هذه الكلمة في ق وع : «لحلفاء» ، ولست مطمئنّا إليها ، ولم أجد القصّة مفصّلة في بعض المصادر حتّى أتحقّق من صحّتها. وجاء في معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ٥١ ما يلي في تفسير الآية : «لّما أسلمت مزينة وجهينة وأسلم وغفار قالت بنو عامر بن صعصعة وغطفان وأشجع وأسد : لو كان هذا خيرا ما سبقنا إليه رعاة البهم ، فهذا تأويل قوله : (لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ). ويبدو لي أنّ في الكلمة تصحيفا صوابها «حنفاء». فإنّ من معاني الحنيف المائل عن الأديان إلى الإسلام. وانظر اللسان : (حنف).
(٢) جاء في ز ، ورقة ٣٢٤ ما يلي : «قال محمّد : وجاء في الأشدّ هاهنا أنّه بضع وثلاثون سنة وهو الأكثر». واقرأ ـ