عليها من العذاب. قال تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (٧) : أي الذين حبّب إليهم الإيمان فأحبّوه لتحبيب الله ذلك إليهم ... إلى آخر الآية.
قال عزّ من قائل : (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً) : أي بفضل من الله ونعمته فعل ذلك بهم. (وَاللهُ عَلِيمٌ) : أي بخلقه (حَكِيمٌ) (٨) : أي في أمره.
قوله : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ).
تفسير الحسن قال : كان بين رجل من المسلمين ورجل من المنافقين خصومة فدعاه المسلم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ودعاه المنافق إلى (١) بني فلان ، فتعزّز المنافق ببني فلان وبقومه من المشركين ، وتعزّز المسلم بالمسلمين ، فتدافعا بينهما حتّى صارا إلى العصا (٢) فأنزل الله : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ..). إلى آخر الآية. وقال الحسن سمّى المنافق [مؤمنا] (٣) بالإسلام الذي أقرّ به وادّعاه ، أي من الإيمان.
قال : (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) أي ردّوهما إلى الحكومة ، أي بما في كتابهم الذي ادّعوه وأقرّوا به. (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى) أي : فلم تقبل الحكومة من الكتاب والسنّة التي (٤) أقرّوا بهما وادعوهما (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) ، أي : إلى حكم الله الذي حكم بينهم والذي يلزمهم إقرارهم به وادّعاؤهم إيّاه. (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) الذي بتركه كفروا وضلّوا.
__________________
(١) كذا في ق : «ودعاه المنافق إلى بني فلان» ، وفي ع : «ودعاه المنافق إلى فتن بني فلان» كذا ، ولم أوفّق لتصحيح هذه الكلمة. ولعلّ صوابه : «إلى وثن بني فلان ، أو «إلى كاهن بني فلان».
(٢) كذا في ق : «إلى العصا» ، وهو الصحيح ، وفي ع : «إلى القضاء».
(٣) ورد قول الحسن هذا مضطربا ناقصا فأثبتّ ما يناسب المعنى وما يقتضيه التعبير الصحيح ؛ فقد جاء في ع هكذا : «سبب المنافق بالإسلام الذي قر به وادعى أي من الإيمان» ، وجاء في ق : «سبب المنافق بالاسم الذي أقر به وادعاه أي من الإيمان».
(٤) كذا في ع «التي» ، والصواب : «اللذين» ، على ما في العبارة من فساد. وفي ق جاءت العبارة فاسدة هكذا : «علم لا يقبل الحكومة من الكتاب والسنة التي أقرّوا بها وادعوها».