قال : (وَثَمُودُ (١٢) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ) (١٣) : أي إخوانه في النسب وليسوا بإخوانه في الدين. (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) : والأيكة الغيضة. وقد فسّرنا أمرهم في سورة الشعراء (١).
قال تعالى : (وَقَوْمُ تُبَّعٍ) : ذكروا أنّ ابن عبّاس سأل كعبا عن تبّع فذكر قومه ولم يذكر [من] (٢) هو. قال : إنّه كان معه اثنا عشر رجلا من أولاد الأنبياء. فأراده قومه على أن يقتلهم فأبى. وجمع بينهم وبينهم فحاجّوه. فتعاهدوا على أن يوقدوا نارا ، ثمّ يدعو كلّ قوم ما يعبدون ، ثمّ يدخلونها. فمن هلك هلك ، ومن نجا نجا. فدخلها أولاد الأنبياء ، فمرّوا فيها حتّى خرجوا من الجانب الآخر ، فلم تضرّهم شيئا.
فلمّا رأى ذلك قوم تبّع أبوا أن يدخلوها. وكانوا قد اتّفق اثنا عشر رجلا من خيارهم (٣) أن يدخلوا مع أولاد الأنبياء في النار وتقاعسوا ، فأخذهم تبّع وضرب أعناقهم ، وحلق رأسه وآمن ، فقتله قومه. فلذلك ذكر الله قومه ولم يذكره.
قوله عزوجل : (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) (١٤) : أي إنّ الرسل جاءتهم يدعونهم إلى الإيمان ، ويحذّرونهم العذاب فكذّبوهم فجاءهم العذاب. يحذّر بهذا مشركي العرب.
قوله : (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) : أي لم نعي به. قال مجاهد : أفأعيا علينا حين أنشأناكم [وأنشأنا خلقكم] (٤). تفسير الحسن : إنّه يعني خلق آدم وذرّيّته بعده. قال : (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ) : أي في شكّ (مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) (١٥) : يعني البعث.
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) : يعني بالإنسان هاهنا جميع الناس (وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) : أي ما تحدّث به نفسه (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (١٦) :
__________________
(١) انظر ما سلف ج ٣ ، تفسير الآية ١٧٦ من سورة الشعراء.
(٢) زيادة لا بدّ منها.
(٣) كذا في ق : «من خيارهم» ، وفي ع : «من أحبارهم».
(٤) في ق : «عيا عليكم» ، وفي ع : «منا عليكم» ، وفي كلتا العبارتين خطأ. أثبتّ التصحيح والزيادة من تفسير مجاهد ص ٦١٠. وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٧٧ : «يقول : كيف نعيا عندهم بالبعث ولم نعي بخلقهم أوّلا؟».