وهو نياط القلب (١) وهو الوتين.
قوله : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ) : أي : الملكان الكاتبان الحافظان عن اليمين وعن الشمال (قَعِيدٌ) (١٧) : أي رصيد ، أي يرصده حافظ.
(ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ) : أي عنده (رَقِيبٌ) : أي حفيظ (عَتِيدٌ) (١٨) : أي حاضر يكتب كلّ ما يلفظ به. قال مجاهد : حتّى أنينه. وتفسير الكلبيّ : إنّه تعرض الأعمال ، فما لم يكن فيه خير ولا شرّ محي ولم يثبت ؛ وذلك في يوم اثنين وخميس ، فيهما ترفع الأعمال.
وذكر بعضهم قال : أمر صاحب الشمال أن يكتب ما لا يكتب صاحب اليمين.
وقال بعضهم : ما خطا عبد خطوة إلّا كتبت له حسنة أو سيّئة. قال : وبلغنا أنّ صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال ، فلا يكتب صاحب الشمال حتّى يأمره صاحب اليمين.
ذكروا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ الملائكة قالت : ربّ ذلك عبدك يريد أن يعمل سيّئة وأنت أعلم وأبصر ؛ فيقول : ارقبوا عبدي ، فإن عملها فأثبتوا عليه بمثلها ، وإن تركها فاكتبوها له حسنة ، فإنّما تركها من خشيتي (٢).
وقال الحسن : الحفظة أربعة : يتعاقبان ملكان بالليل وملكان بالنهار ، وتجتمع هذه الأملاك الأربعة عند صلاة الفجر ، وهو قوله : (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (٧٨) [الإسراء : ٧٨].
ذكروا عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، فيجتمعون عند صلاة الفجر وعند صلاة العصر ، فيسألهم ربّهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلّون ، وتركناهم وهم يصلّون (٣).
__________________
(١) قال الجوهريّ في الصحاح : «النياط : عرق علق به القلب من الوتين. فإذا قطع مات صاحبه ، وهو النيط أيضا. ومنه قولهم : رماه الله بالنيط ، أي بالموت». وأصل الفعل : ناط ينوط نوطا ، أي علق : وكلّ ما علق من شيء فهو نوط.
(٢) حديث صحيح أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب إذا همّ العبد بحسنة كتبت وإذا همّ بسيّئة لم تكتب ، عن أبي هريرة (رقم ١٢٩) ولفظه في آخره : «إنّما تركها من جرّاي».
(٣) انظر تخريجه فيما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية ١١ من سورة الرعد.