دخولا ، فيعطى فيقال له : انظر ما أعطاك الله ، فيفسح له في بصره فينظر إلى مسيرة خمسمائة سنة كلّه له ، ليس فيه شبر إلّا وهو عامر : قصور الذهب والفضّة وخيام الياقوت ، فيه أزواجه وخدمه ، يغدى عليه كلّ يوم بسبعين ألف صحفة من ذهب ، ويراح عليه بمثلها ، في كلّ واحدة منها لون ليس في صاحبتها ، يأكل من آخرها كما يأكل من أوّلها. لو نزل به الجنّ في غداء واحد لوسعهم ، ولا ينقص ذلك ممّا عنده شيئا.
بلغنا أنّ رجلا سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قوله عزوجل : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) قال : هي مائة درجة ، كلّ درجة منها عرضها السماوات والأرض (١).
قال : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٢١).
قوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ) : يعني الجدوبة ونقص الثمار (وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ) : يعني الأمراض والبلايا في الأجساد (إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) : أي من قبل أن نخلقها. تفسير الحسن : من قبل أن يخلق الله تلك النفوس. وبعضهم يقول : من قبل أن يخلق الله السماوات والأرض. (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (٢٢) : أي هيّن.
تفسير الحسن : إنّ الله كتب عنده كتابا : إنّ ذنب كذا وكذا عقوبته كذا وكذا ، فيعفو عن أكثر ذلك ، ويعاقب من ذلك ما يشاء ؛ وهو قوله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ). [الشورى : ٣٠].
قال تعالى : (لِكَيْلا تَأْسَوْا) : أي لكي لا تحزنوا (عَلى ما فاتَكُمْ) : أي من الدنيا ، أي فيما أصابكم في الأرض وفي أنفسكم. أي : فيعلمون أنّ ذلك بذنب ، فيعتبرون ويتوبون. (وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) : أي من الدنيا.
ذكروا عن الحسن عن عبد الله بن عمر أنّه قال : ما أبالي على أيّ حال رجعت إلى أهلي ؛ لئن كانوا على عسر إنّي أنتظر اليسر ، وإن كانوا على يسر إنّي لأنتظر العسر.
وبلغنا أنّ حذيفة قال : إنّ أقرّ أيّامي لعيني يوم أرجع إلى أهلي وهم يشكون إليّ الحاجة.
__________________
(١) أخرجه البخاريّ من حديث أبي هريرة. وانظر ما سلف ج ١ ، تفسير الآية ١٣٤ من سورة آل عمران ، ورواه الترمذيّ عن أبي هريرة بلفظ : «في الجنّة مائة درجة ما بين كلّ درجتين مائة عام».