لم تمت في منامها (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) : أي فيميتها (وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : أي إلى الموت. أي : إنّ النائم إذا نام ـ في قول بعضهم ـ خرجت النفس ، وهي الروح ، فيكون بينهما مثل شعاع الشمس. وبلغنا أنّ الأحلام التي يراها النائم هي في تلك الحال. فإن كان ممّن كتب الله عليه الموت في منامه خرج الروح ، أي النفس ، وإن كان ممّن لم يحضر أجله رجعت النفس ، أي الروح ، فاستيقظ (١).
وقال بعضهم : شبّه [نوم] (٢) النائم بالوفاة ، فيمسك التي قضى عليها الموت ، أي التي يتوفّاها وفاة الموت ، ويرسل الأخرى التي لم يتوفّها وفاة موت النائم ، وهي النفس ، إلى أجل مسمّى ، أي إلى الموت الذي هو آخر أيّامه (٣).
قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٤٢) : وهم المؤمنون.
قوله : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ) : أي قد اتّخذوهم ليشفعوا لهم ـ زعموا ـ وذلك لدنياهم ليصلحوها لهم ، كقولهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] ليصلحوا لهم معايشهم ولا يقرّون بالآخرة.
قال الله : (قُلْ) يا محمّد (أَوَلَوْ كانُوا) : يعني أوثانهم (لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ) (٤٣) : أي إنّهم لا يملكون شيئا ولا يعقلون شيئا.
__________________
(١) كذا ورد تأويل هذه الآية في ع. والتعبير ـ على إيجازه ـ واضح المعنى ، وفيه : «خرجت النفس ، وهي الروح» وبعده : «رجعت النفس أي : الروح». وجاء في ز نفس الألفاظ ولكن جاء التعبير هكذا : «خرجت النفس وبقى الروح» ، وبعده : «خرج الروح إلى النفس» ، ولست مطمئنا إلى هذا التعبير الأخير ، ويبدو أنّ ما جاء في ز خطأ من الناسخ ، وأنّ عبارات ع هي الصحيحة وأقرب إلى الصواب ؛ وانظر هذه المعاني في بعض كتب التفسير ؛ انظر مثلا : تفسير القرطبيّ ، ج ١٥ ص ٢٦٠ ، واقرأ كلاما بيّنا واضح العبارة موجزا للفخر الرازي في التفسير الكبير ، ج ٢٦ ص ٢٨٤.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) قال أبو عبيدة في تفسير الآية : «فجعل النائم متوفّى أيضا إلّا أنّه يردّه إلى الدنيا». وقال الفرّاء : «والمعنى فيه : يتوفّى الأنفس حين موتها ، ويتوفّى التي لم تمت في منامها عند انقضاء أجلها. ويقال : إنّ توفّيها موتها ؛ وهو أحبّ الوجهين إليّ ، لقوله : (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) ولقوله : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) [الأنعام : ٦٠] ...».