قوله : (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) : أي من الذهب والفضّة (وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ) : أي من شدّة العذاب (يَوْمَ الْقِيامَةِ) : لم يقبل منهم (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) (٤٧) : أي لم يكونوا يحتسبون أنّهم مبعوثون ومعذّبون.
قال : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) : أي ما عملوا (وَحاقَ بِهِمْ) : أي وجب عليهم (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٤٨) : أي يسخرون في دار الدنيا بالنبيّ والمؤمنين فحاق بهم ، أي : فأخذهم جزاء ذلك الاستهزاء ، وهي جهنّم بعد عذاب الدنيا.
قوله : (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ) : أي مرض. (دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا) (١) : أي أعطيناه عافية. فهذا الكافر (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) : [تفسير مجاهد : يقول : هذا بعملي] (٢) كقوله : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي) [فصّلت : ٥٠] أي : أنا محقوق بهذا. قال الله : (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) : أي بليّة (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤٩) : يعني جماعة الكافرين.
قال : (قَدْ قالَهَا) : يعني هذه الكلمة (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : أي من قبل مشركي العرب (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٥٠) : أي من أموالهم وجنودهم إذا نزل بهم عذاب الله ، أي : إنّهم لم تغن عنهم شيئا.
قال : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) : أي نزل بهم جزاء أعمالهم ، يعني الذين أهلك من الأمم. (وَالَّذِينَ ظَلَمُوا) : أي أشركوا (مِنْ هؤُلاءِ) : يعني من هذه الأمّة (سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) : يعني الذين تقوم عليهم الساعة من كفّار آخر هذه الأمّة؛ وقد أهلك أوائلهم أبا جهل وأصحابه بالسيف يوم بدر. قال : (وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٥١) : أي وما هم بالذين يسبقوننا حتّى لا نقدر عليهم فنبعثهم ثمّ نعذّبهم.
__________________
(١) من هنا تستأنف مخطوطة القرارة التي أرمز لها بحرف ق ، تفسير الربع الأخير من القرآن ، على ما فيها من خرم. وكلّ ما نسخته وحقّقته من أوّل سورة ص فاعتمادي فيه على نسخة العطف : ع ، ومقابلتها بمصوّرة مختصر تفسير ابن سلّام لابن أبي زمنين : ز.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٠٠.