تفسير سورة المرسلات ، وهي مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) (١) : يعني الملائكة ترسل بالمعروف إلى الرسل ، فتبلّغ الرسل العباد (١). وتفسير الحسن : إنّها الرياح. قال : عرفها : جريها.
قال تعالى : (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) (٢) : أي الرياح إذا عصفت ، أي : اشتدّت (وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) (٣) : يعني الرياح. كقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) [الأعراف : ٥٧] أي : بين يدي المطر.
قال : (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) (٤) : يعني الملائكة التي تنزل بالوحي ، أي : بكتب الله التي فرّق فيها بين الكفر والإيمان وبين الحلال والحرام. قال : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) (٥) : يعني الملائكة تلقى الذكر ، وهو كتب الله على الأنبياء ، فيوحيه جبريل إلى النبيّين. وقد قال في آية أخرى : (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ) [القصص : ٨٦] أي : أن ينزل عليك. قال : (عُذْراً) : أي تنزل به الملائكة يعذر به الله إلى خلقه (٢) (أَوْ نُذْراً) (٦) : أي : ينذرهم بعذابه.
وهذا قسم كلّه من أوّل هذه السورة إلى هذا الموضع أقسم به (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) (٧) يعني المشركين ، ما يوعدون به من عذاب الله لواقع بهم.
قال تعالى : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) (٨) : يقول : عذاب الله واقع يوم تطمس فيه النجوم فيذهب ضوءها. (وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) (٩) : أي فتحت وانشقّت ، كقوله : (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) (١٩) [النبأ : ١٩].
قال : (وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) (١٠) : أي قد ذهبت من أصولها فكانت هباء منبثّا في تفسير الحسن. وتفسير الكلبيّ : (نُسِفَتْ) أي : سوّيت بالأرض.
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢٢١ : «يقال هي الملائكة. وأمّا قوله : (عُرْفاً) فيقال : أرسلت بالمعروف. ويقال : تتابعت كعرف الفرس. والعرب تقول : تركت الناس إلى فلان عرفا واحدا ، إذا توجّهوا إليه فأكثروا». وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٨١ : (عُرْفاً) يتبع بعضه بعضا يقال : جاءوني عرفا».
(٢) في ق وع : «تنزل به الملائكة تعذر به الله إلى خلقه» ، وأثبتّ ما جاء في ز فهو أصحّ.