فيغمى على البعض منكم ويصعق البعض الآخر ، فكيف والحالة هذه تطلبون رؤية ذاته تعالى بعظمتها؟
أمّا جملة «انّي تُبت» فقد كانت من جانب بني إسرائيل ، كما أنّ جملة (رَبِّ أَرِنِى أَنظُرْ إِلَيْكَ) كانت من قبلهم أيضاً.
يستفاد من عدّة آيات من سورة الكهف أنّ موسى عليهالسلام ابتلي بالنسيان ، فهو تارةً يقول : (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَباً). (الكهف / ٦١) إذن فلقد وجد النسيان طريقه إليهما.
وفي آيتين بعدها ينقل عن صاحب موسى عليهالسلام : (فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ). (الكهف / ٦٣)
فلو كان صاحبه وهو يوشع بن نون ـ كما هو معروف بين أقطاب المفسّرين ـ وكان في تلك الحالة نبيّاً ، فسيثبت جواز النسيان للأنبياء.
كما نقرأ في عدّة آيات بعدها وعلى لسان موسى عليهالسلام ، أنّه حينما التقى بذلك الرجل الإلهي «الخضر» تعهّد بألّا يسأله عن أسرار ما قام به إلى أن يبيّنها هو بنفسه ، لكن موسى عليهالسلام نسي ذلك في أوّل مرّة ، ولذا اعترض على الخضر لخرقه تلك السفينة السالمة ، وحينما ذكّره الخضر بالعهد قال : (قَالَ لَاتُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ). (الكهف / ٧٣) كما تكرّر هذا الشيء ثانية وثالثة أيضاً.
ألّا يستفاد من مجموع هذه الآيات إمكان نسبة النسيان للأنبياء؟! أوليس الصيانه عن ارتكاب الخطأ والنسيان أحد فروع العصمة؟
* * *
الجواب :
لقد سلك المفسّرون طرقاً شتّى للإجابة عن هذا السؤال : إذ قال البعض : إنّ «النسيان» يعني تارةً ترك الشيء وإن لم يكن منسياً ، كما نقرأ في قصّة آدم : (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِىَ ...). (طه / ١١٥)