١٠ ـ الأنبياء السابقون بشكل عامّ
هناك تعبير في القرآن الكريم حول عامّة الأنبياء يثير الاستفهام حول مسألة العصمة ، وذلك حينما يقول تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِىٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِى أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِى الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). (الحجّ / ٥٢)
وهنا ربّما يطرح هذا السؤال ، وهو أنّه كيف يكون الأنبياء معصومين في حين أنّ قلوبهم ـ طبقاً للآية أعلاه ـ معرّضة للإغواء الشيطاني؟!
* * *
اسطورتا الآيات الشيطانية والغرانيق :
ذكروا حول هذا الموضوع قصّة عرفت بـ «قصّة الغرانيق» ، هذه القصّة تقول : إنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله كان مشغولاً بقراءة سورة «النجم» أمام المشركين ، فوصل إلى هذه الآية : (أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى) وفي هذه الأثناء أجرى الشيطان على لسانه هاتين الجملتين : (تِلْكَ الْغَرانِيْقُ الْعُلى وَانَّ شَفاعَتُهُنَّ لَتُرْتَجى) (١) فابتهج المشركون لسماعهم هاتين الجملتين ، وقالوا : لم يذكر «محمّد» آلهتنا بخير إلى الآن أبداً ، فسجد النبي وسجدوا معه أيضاً في تلك الحال ، بعد ذلك تفرّق مشركو قريش فرحين ، فلم يمض وقت حتّى نزل جبرائيل وأخبر النبي قائلاً : إنّي لم آتِك بهاتين الجملتين أبداً! ، إنّه من القاء الشيطان!! ونزل بالآية : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِىٍّ ...) كما حذّر النبي والمؤمنين أيضاً من هذا الشيء (٢).
مع هذا الحديث تكون عصمة الأنبياء حتّى في تلقّي الوحي ، معرّضة للخطر والإعتماد عليها غير ثابت.
__________________
(١) «الغرانيق» جمع «غرنوق» نوع من الطيور المائية البيضاء أو السوداء اللون ... كما جاءت بمعاني أخرى أيضاً (نقلاً عن قاموس اللغة).
(٢) ذكر معظم المفسّرون هذا الحديث بتفاوت ضئيل وانتقدوه.