الناس ، إذ سيقولون كيف يمكن الإعتماد على كلام الشخص الفلاني الخائن والظالم والمنحرف؟ لأنّ الفصل في هذه المسائل وعلى فرض إمكانه في الواقع مرفوض عند عامّة الناس (تأمّل جيّداً).
فكيف يمكن لشخص يخطيء في امور الحياة اليومية أن يكون مورد اعتماد في إبلاغ الوحي الإلهي؟ وسيقول الناس حتماً : إنّه ربّما ابتُلي عند إبلاغ الوحي بنفس تلك الإشتباهات التي يقع بها في حياته الشخصية.
خلاصة القول أنّ مسألة تجزئة وفصل الأخطاء والذنوب مرفوضة عند السواد الأعظم من الناس ، وأنّ من يرتكب ذنباً أو خطأً لا يمكن أن يكون مورد اعتماد في تبليغ الوحي (تأمّل جيّداً).
* * *
٣ ـ مخالفة الغاية وعدم تحقق أهداف البعثة
من المسلّم أنّ الشخص العاقل الحكيم لا يقدم أبداً على عمل يخالف هدفه وغايته ، وإلّا فلا يصح أن ينعت بالحكمة والوعي ، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى ، فنحن نعلم أنّ الله عزوجل قد أرسل أنبياءه لهداية العباد وتربيتهم ، فلو لم يكونوا معصومين عن الذنب والمعصية لأضلّوا الناس بدل هدايتهم ، وهذا هو الجانب المنافي للهدف من بعثة الأنبياء بالضبط.
بالإضافة إلى أنّ الدور الرئيسي في تربية الناس ، إنّما يعود للبرامج العملية للأنبياء ، لأنّ كيفية تصرّف المربّين وصفاتهم وحالاتهم تعدّ النموذج الأمثل لمن يتبعهم ويتولّاهم ، وإنّ الأدلّة العقليّة والخطب الحماسية والبيان الجيّد مهما كان لها دور مهم في توعية الناس ، إلّا أنّها لا تعدّ شيئاً أمام النماذج العملية ، خصوصاً لو ظهر هناك تضادّ بين القول والفعل ، وبين النظرية والتطبيق ، فانّ حالة من الشلل ستسري إلى تلك البيانات والنداءات وتعدم تأثيرها!
ومن هنا ينبغي أن يكون الأنبياء عليهمالسلام قدوة حسنة للناس في كافّة أبعاد الحياة ، وأن تنعكس دروسهم الدينية للناس من خلال تصرّفاتهم.