ولو كانوا أفراداً مثقلين بالذنوب ، مبتلين بالكذب والخيانة والظلم واتّباع أهوائهم لفقدوا اعتبارهم تماماً ، ولاصبح الهدف من بعثتهم غير مجدٍ ولا مفيدٍ.
كيف يعقل أن يضع الله هذا المنصب الخطير الذي يعدّ أسمى منصب ديني ومعنوي واجتماعي ، في عهدة شخص قد تمكنت منه الذنوب ووقع في أسر الهوى والشهوات ، ولم يسيطر على نفسه؟ هل يمكن لشخص كهذا ياترى أن يكون قائداً ربّانياً وروحياً للناس؟!
وهنا يجب الإذعان بأنّ هذا الهدف الحسّاس لا يمكن ضمان القيام به ، إلّافي حالة تنزيههم عن كلّ أنواع الذنوب صغيرها وكبيرها ، بل مطلق الخطأ والإشتباه.
ولذا نقرأ في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام أنّه قال في وصف الإمام عليهالسلام : هو معصوم مؤيّد موفّق مسدّد قد أمن الخطايا والزلل والعثار يخصّه الله بذلك ليكون حجّته على عباده وشاهده على خلقه (١).
* * *
٤ ـ لا يمكن الإغراء بالجهل والتشجيع على الخطأ
بديهي أنّ الله تعالى ولغرض هداية عباده لا يقدم على أدنى شيء يكون سبباً في انحرافهم وركونهم للباطل وسلوكهم سُبل الضلال لأنّ صدور عمل كهذا من أي كان فهو قبيح فكيف بذاته تعالى؟
لو وضع الله أسرار النبوّة ـ الشاملة للاعجاز والأدلّة العلمية ـ تحت تصرف غير المعصوم ، أي في خدمة من يحتمل كذبه وخطأه وارتكابه للمعاصي ، فقد أوقع عباده في الضلال ، وهذا بالضبط يشبه قيام شخص معروف بانتخاب شخص مخادع منحرف وكيلاً عنه ، أليس هذا العمل قبيحاً؟
كيف نحتمل صدور مثل هذا العمل من الله تعالى ، أن يضع المعجزات وأسرار النبوّة بيد شخص مذنب كذاب منحرف وعاصٍ؟!
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ١ ، ص ٢٠٣ ، باب النادر الجامع في فضل الإمام وصفاته ، ح ١.