٢ ـ هل تنسجم العصمة مع التقيّة؟
يقال أحياناً : كيف يمكن أن يكون الأنبياء والأئمّة معصومين مع جواز التقيّة لهم ، وجواز الكذب وأمثاله في مقام التقيّة ، أليست تلك ذنوباً؟ فلو جازت التقيّة لهم لاستحالت عصمتهم من الذنب والمعصية.
* * *
الجواب :
يجب الإلتفات إلى ملاحظتين دقيقتين :
١ ـ الشبهة الخطيرة التي راودت البعض من المغفّلين حولـ «التقيّة» والتي غدت مصدراً لشبهات جمّة أخرى ، هي توهّمهم بأنّ «التقيّة» تعني إبداء موقف الضعف أمام الآخرين ، واسدال الستار على الحقائق ، وانحصار مؤيّديها في أتباع المذهب الشيعي فقط.
في حين أنّ «التقيّة» بمعناها الحقيقي قانون عقلائي معروف وواضح يتّبعه كلّ العقلاء في الوقت المناسب ، وهي في الحقيقة نوع من التكتيك لمحاربة العدو أو مواجهة الأحداث الخطيرة.
بيان ذلك : هناك أحداث في تاريخ الجهاد الديني والاجتماعي والسياسي ، يتعرّض أتباع الحقّ ومذهبهم للخطر فيما لو قاوموا بشكل علني ، ومن هنا نرى أنّ وجه الصراع يتغيّر وتستبدل المقاومة المباشرة بغير المباشرة والعلنية بالسرّية ، والهدف هو توجيه «ضربات أكثر» للعدو بـ «خسائر أقل» ، وبعبارة أخرى الحدّ من ضياع القوى ، وهذا النوع من الصراع والعمل السرّي ليس سوى «التقيّة» ولكن بأسلوب آخر.
إنّ النشاط السرّي مقابل العدو يعتبر في كلّ حروب العالم على طول التاريخ (خصوصاً اليوم) من أهمّ أصول المقاومة ، الخطط الحربية كلّها سرّية ، كلّ ملابس الجنود وأنواع العتاد والسلاح بعيدة عن أنظار العدو ، وهذه كلّها صور أخرى من «التقية».
لو وقع أحد الضبّاط الكبار في أسر العدو ، واحتمل أن يستفيد العدو كثيراً من معلوماته ،