و «الأغلال» جمع «غل» وهي مشتقّة في الأصل من مادّة «غَلَلْ» المأخوذة من النفوذ التدريجي للأشياء كنفوذ الماء الجاري وسط الأشجار ، ونظراً لكون «الغل» هي تلك الحلقة التي تحيط بالرقبة أو بها مع اليد والرجل مجتمعة فقد سمّيت «غلاً» وأحياناً يطلق عليها «الجامعة» لنفس ذلك الغرض أيضاً.
وأكثر ما استعمل القرآن الكريم هذه المفردة للتعبير عن «طوق العنق» ولذا قالوا : هي الأغلال التي في أعناق الكفّار.
على أيّة حال ، فقد وردت هنا كناية عن أغلال الأسر ، والغريب إنّ الكثير من المفسّرين قد اعتبر «الإصر» و «الأغلال» إشارة إلى التكاليف الشاقّة التي فرضها الله تعالى على اليهود ، وإنّ نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله قد رفعها بشريعته السهلة السمحاء في حين أنّه لا يوجد أي دليل على هذا التقييد والتخصيص ، إذ إنّ للآية مفهوم أوسع حيث شملت كافة أنواع الاثقال المعنوية وقيود الأسر :
قيود عبادة الأوثان والخرافات والعادات والتقاليد الخاطئة.
قيود الجهل والضياع.
قيود أنواع التفرقة والحياة الطبقية.
قيود القوانين الخاطئة.
وقيود الأسر والاستبداد في مخالب الطواغيت.
لقد أعاد نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله وسائر الأنبياء عليهمالسلام الحرية الحقيقية إلى الإنسان وذلك برفعهم لهذه الأثقال وفكّهم لتلك القيود والأغلال عنه ، فقد منحوه حريّة التفكير والتعبير عن الرأي والتأمّل والتحرّر من عبودية أهواء النفس ، التحرّر من قبضة الحكّام الظالمين والتحرّر من شباك الشياطين والطواغيت والتحرّر من سيطرة الخرافات والأوهام وعبادة غير الله تعالى.
ومن المسلّم أنّ عدم ارتياح الطواغيت لتحرّر الآخرين هو لرغبتهم في تسخيرهم لتحقيق أغراضهم الشخصية ، ولا زالت ـ في عصرنا الحاضر الذي ينطلق فيه شعار حريّة