ما هو علم الأسماء؟
للمفسّرين كلام طويل حول ماهية علم الأسماء هذا ، الذي يعدّ من أعظم المواهب الإلهيّة لآدم عليهالسلام ، والمنشأ لفضيلته وافتخاره ولياقته لتسلّم مقام الخلافة الإلهيّة.
فتارة قيل : إنّ المراد به هو علم اللغات ، في حين أنّ معرفة مجموعة من اللغات لا يمكن أن تكون المنشأ لفضيلة كهذه ، فضلاً عن عدم تناسب هذا المعنى مع التعبير الوارد في هذه الآيات ، لأنّ التعبير بـ : (غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ) يبيّن عودة هذا العلم إلى أسرار السماوات والأرضين الخفيّة ، التي بقيت خافية عن أنظار الملائكة.
وقالوا تارةً اخرى : إنّ المراد هو أسماء حجج الله ، خصوصاً الأئمّة المعصومين الذين كانت أرواحهم مخلوقة من قبل ، وقد ورد مثل هذا التفسير في بعض الروايات.
لكن من المسلّم أنّ مثل هذه الروايات ليست أكثر من إشارة إلى البعض من المصاديق المهمّة لهذا العنوان الكلّي ، كما عليه أسلوب الروايات التفسيرية ، لا أنّ «علم الأسماء» يختصّ بها.
لكن الكثير من المفسّرين قالوا : إنّ المراد من «الاسم» هنا هو «المسمّى» ، أي أنّ الله علّم آدم كلّ العلوم المرتبطة بالأرض والسماء ، وأنواع الصناعات واستخراج المعادن وغرس الأشجار وخواصها ومنافعها ، (أو أنّه تعالى وضعها في كيانه ووجوده بشكل مركّز).
وعلى هذا فقد تعرّف آدم على كلّ أسرار العالم ، وهيّأ الأرضية لذرّيته للإحاطة بكلّ هذه الأسرار. فأيّة فضيلة أسمى وأرفع من التمتّع بمثل هذا العلم ، وكذلك جعل القابلية على نيله في متناول أولاده أيضاً.
ولذا نقرأ في حديث الإمام الصادق عليهالسلام حو تفسير هذه الآية قال : «الأرضين والجبال والشعاب والأودية ثمّ نظر إلى بساط تحته فقال هذا البساط ممّا علمه» (١) ، (وباختصار كلّ موجودات العالم).
هذا التعبير يبيّن أنّ آدم عليهالسلام كان عالماً بكلّ هذه العلوم.
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٧٦.