توضيحان
١ ـ حدود علم الأنبياء عليهمالسلام
لا شكّ في ضرورة تمتّع الأنبياء عليهمالسلام بمعرفة تامّة بكلّ أصول الدين وفروعه ، وما يرتبط بالمعارف الإلهيّة ، والأحكام ، والأخلاق وأسباب سعادة الإنسان وشقائه ، وطرق نجاته وهدايته ، وذلك لاستلزام مهمّة إبلاغ هذه الأمور ، ونيل أهداف النبوّة السامية لمثل هذه العلوم. ومن البديهي عدم إحاطتهم التامّة بهذه الأمور يحول دون تحقّق المقصود ، وحسب التعبير المعروف ، فهذه المسائل من القضايا التي تكون قياساتها معها.
كما يجب أن يكون لهم إلمام بالمسائل التنفيذية والامور المرتبطة بإدارة المجتمع ، وتشكيل الحكومة الإلهيّة ومسائل من هذا القبيل ، وذلك لأنّ للأنبياء مقام الولاية فضلاً عن جانب التربية والتعليم ، ولو لم نتمكّن من تعميم حكم هذه المسألة على كلّ الأنبياء عليهمالسلام ، فهذا المقام ممّا يمكن إثباته لكبار الأنبياء على أقلّ تقدير ، فإبراهيم كان إماماً وقائداً للناس ، وكان كلّ من سليمان وداود وموسى بن عمران ويوسف متصدّياً للحكومة عمليّاً ، كما أنّ نوحاً كان شبيهاً برئيس الحكومة وذلك في ظروف خاصّة بعد مسألة الطوفان ، والأوضح من الكلّ هو مقام ولاية وحكومة نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله الذي شكّل حكومة إلهية كاملة بكافّة أبعادها.
إنّ ضرورة تمتّعهم بالمعلومات الكافية لإدارة هذه الحكومات هو ممّا لا يخفى ، لأنّ أي خطأ واشتباه منهم في أمر الحكومة سيترك أثراً سلبيّاً في مسألة دعوتهم إلى الله ، وعلى العكس فالقيادة الصحيحة للحكومة ستكون السبب في نجاحهم في هذه المهمّة.
ويمكن إثبات هذين القسمين من العلوم والمعارف ـ الدينية والحكومية بالدليل العقلي ، باعتبار عدم ضمان الهدف من البعثة لو لم يكن للأنبياء اطّلاع عليهما.
لكن هل يلزم عقلاً أن يكون الأنبياء والأئمّة المعصومون مطّلعين على العلوم الأخرى ، التي لا ترتبط بأهدافهم مباشرةً؟ مثلاً هل يجب أن يكون لهم اطّلاع بعلم الطبّ والرياضيات والأعشاب والنجوم والهيئة وسائر العلوم؟