بعبارة أخرى هل يلزم أن يكون لهم إلمام بكافّة العلوم على مستوى إلمام الأخصائي وما فوقه ـ الدكتوراه وما فوق ذلك ـ لا مجرّد المعلومات العامّة التي يحتاجها كلّ قائد؟
يعتقد البعض بعدم وجود أدلّة عقلية على إثبات مثل هذه العلوم الكثيرة للأنبياء ، مهما تمّ الإستشهاد بالآيات والروايات كأدلّة نقلية على اتّساع دائرة علومهم في شتّى المجالات.
وبعبارة أخرى : فعلوم الأنبياء عليهمالسلام الضرورية لهم هي ما تمّت الإشارة إليها طبقاً للأدلّة العقلية ، لكن عند الاستدلال بالأدلّة النقلية تتّسع مسألة علومهم بشكل أكبر ولا مانع من عدم لزوم هذه العلوم لهم عقلاً ، لأنّ الأدلّة النقلية تثبت لهم هذه العلوم من باب الفضيلة والكمال ، نظراً لإمكان هذه العلوم من إضفاء عظمة أكبر عليهم ، ومن الإسراع في تقبّل الناس لدعوتهم.
٢ ـ القرآن والعلوم الأخرى للأنبياء عليهمالسلام
ومن جهة أخرى فلا يمكن إنكار هذه الحقيقة وهي ارتفاع الحجب عن قلوب الأنبياء ، بسبب سمو نفوسهم وتهذيبهم الكامل للنفس وتصفية قلوبهم من الشوائب ، وأنّ هذه المعرفة وان لم تكن ضمن شروط النبوّة لكنّها تعتبر ضرورية في سلّم الكمال كما لا يخفى.
وبعبارة أخرى ، فان مسألة نقض الغرض شيء ، ومسألة قدرة نفوس وعقول الأنبياء يمثل شيئاً آخر ، ولو أنّنا عجزنا عن إثبات ما زاد عمّا له علاقة بعالم الشريعة والتربية وإدارة المجتمع الإنساني ، فبالإمكان إثباته بالطريق الثاني.
ويمكن لآيات القرأن أن تكون دليلاً حسناً على هذه المسألة أيضاً ، إذ قد تمّت الإشارة في القرآن ، بالإضافة إلى مسألة الأسماء التي وهبت لآدم والتي اتّسع نطاقها بما يفوق الحدّ ـ كما علمنا ـ إلى موارد أخرى من علوم مختلف الأنبياء الإلهيين ، والتي لا تبدو حسب الظاهر لازمة لمسألة التشريع وبيان أحكام الدين ، لكنّها تعدّ الأساس لكمالها. لاحظ الآيات الآتية المرتبطة بهذا الموضوع.
١ ـ نقرأ عن داود عليهالسلام : (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ). (الأنبياء / ٨٠)