وحَصْرُ بعض المفسّرين «الظلمات» بـ «الشرك» ، و «النور» بـ «التوحيد» فقط لا يستند إلى دليل ، إذ ليس ما ذهبوا إليه إلّاأحد المصاديق الواسعة للآية.
وبناءً على هذا فأحد أهداف البعثة هو نجاة الإنسان من الظلمات الفكرية والعقائدية والأخلاقية والعملية ، وهدايته نحو النور والحياة الواقعية.
ويمكن أيضاً إيراد هذا الهدف في أهداف التربية والتعليم وإقامة العدل والحرّية ، أو العكس ، ولكن نظراً لورود كلّ هدف على حدة في القرآن الكريم ، فقد راعينا عرضها بصورة مستقلّة أيضاً.
والنور والهداية لا يختصّان بالقرآن الكريم فحسب بل قد ورد تعبير «النور» في حقّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أيضاً في الآية (وَدَاعِياً إلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً). (الأحزاب / ٤٦)
والتعبير بـ «الناس» بحسب ما ذهب إليه تفسير الميزان ، هو لبيان أنّ الهدف من بعثة نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله هو لهداية عامّة الناس (في كلّ زمان ومكان ما دامت السماوات والأرضون) والتعبير بـ «بإذن ربّهم» هو لبيان أنّ هداية الأنبياء عليهمالسلام هي في الواقع جزء من «ربوبية الباري جلّت قدرته» وفي مساره الذي يرتضيه هو ، انسجام الربوبية في عالم التشريع مع ربوبيته في عالم التكوين.
* * *
٦ ـ البشرى والإنذار
مع أنّ الترغيب بأنواع الهِبات والمكافئات الماديّة والمعنوية الإلهيّة والترهيب والانذار من العقاب الشديد النفسي والبدني هما الطريق إلى التربية والتعليم ، والعامل المساعد للاخراج من الظلمات إلى النور ، لكن نظراً لتركيز القرآن الكريم عليهما كثيراً يمكن اعتبارهما أحد أهداف بعثة الأنبياء عليهمالسلام.
وفي الآية السابعة من آيات البحث تمّت الإشارة إلى هذا الأمر إذ قال تعالى : (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ).