صحيح أنّ بداية الآية إشارة إلى الحوادث التي ميّزت صفوف المنافقين عن فريق المؤمنين ، وفضحت ما يكنّونه في قلوبهم ، لكن من الواضح أنّ شأن النزول هذا لا يحدّد المفهوم الكلّي للآية ، لأنّ الكلام إنّما هو عن عدم اطّلاع عامّة الناس على الغيب ، واطّلاع الأنبياء على ذلك التعليم الإلهي.
كما ويستفاد من هذه الجملة أنّ الإطّلاع على الغيب مقام رفيع يمنح للأنبياء الإلهيين فقط ، وهو في الواقع مكمّل لبرامجهم وسبب لتحقّق أهدافهم (تأمّل جيّداً).
* * *
وهنا يرد سؤالان :
١ ـ إنّ هذه المرتبة لا تنحصر بالأنبياء والأئمّة المعصومين عليهمالسلام فحسب ، بل أن بعض الصلحاء ذوي القلوب النورانية الذين بلغوا درجات سامية من الشهود ، مطّلعون على زاوية من أسرار الغيب ، فكيف يتلاءم هذا الشيء مع النفي المطلق لاطّلاع عامّة الناس على أسرار الغيب الواردةِ في الآية الآنفة الذكر؟
* * *
الجواب :
نظراً لكون هذا الإطّلاع محدوداً غير ذي شأن قياساً باطّلاع الأنبياء عليهمالسلام ، فلم يؤخذ في الآية بنظر الإعتبار ، وبعبارة اخرى أنّ المراد هو نفي المعرفة الواسعة عن أسرار الغيب ، وهو ما يصدق في حقّ غير الأنبياء عليهمالسلام.
كما يحتمل أيضاً أن يكون لهاتين الآيتين مفهوم واسع بحيث يشمل كلاً من الأنبياء وكذلك الملائكة وأصحاب الكشوف والشهود ، الذين بلغوا مقاماً عالياً عن طريق المجاهدات النفسية والرياضات المشروعة وإرشادات المعصومين ، لأنّهم إنّما يحصلون على معارفهم عن طريق الإرتباط بالأنبياء والأئمّة أو الملائكة ، وبناءً على هذا فانّ الله يضع