أمسى كلّ واحد منهم أبتراً ، والنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ذا نسل عظيم.
ونلاحظ في قوله تعالى : ملاحظة اخرى تعدّ من إخبارات القرآن الغيبية ، حيث قال : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَاتَعْلَمُونَ). (النحل / ٨)
مع أنّ الكثير من المفسّرين يعتبرون جملة (وَيَخْلُقُ مَا لَاتَعْلَمُونَ) إشارة إلى الحيوانات التي ستخلق مستقبلاً ، أو التي ستؤلف عند الإنسان ، أو كلّ الأشياء الضرورية التي سيخلقها الله في المستقبل سواء الحيوانات أم غيرها ، ولكن إدراك مفهوم هذه الجملة بالنسبة لنا نحن الذين نعيش في عصر التكنلوجيا المتطورة يعد أمراً يسيراً ـ كما أشار إلى ذلك بعض المفسّرين المتأخّرين كالمراغي والسيّد قطب في تفسير «فى ظلال القرآن» ، بل هو إخبار القرآن عن عصرنا ، ولا منافاة بين عبارة (يخلق) مع اختراعها من قبل الإنسان ، إذ إنّ عمل الإنسان ليس سوى تركيب المواد التي خلقها الله تعالى ، هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ إبتكار الإنسان في صنع هذه الوسائل ناتج من الإستعداد الذي وهبه الله تعالى له! كلّ هذه الآيات تبيّن أنّ الله قد وضع بعضاً من العلم الغيبي تحت تصرّف نبيّهصلىاللهعليهوآله.
* * *
الثمرة من مجموع آيات علم الغيب :
أوضحنا إلى الآن طائفتين من الآيات التي تتحدّث عن علم الغيب ، طائفة تنفي علم الغيب عن الأنبياء عليهمالسلام على الإطلاق والاخرى تُثبِتُهُ. وحينما نضعهما إلى جانب بعضهما البعض ، ونجمع بينهما ندرك مفهومهما الأصلي النهائي (وهذا ما يمكن أداؤه عن طريق التفسير الموضوعي بسهولة) وهو الطريق الأوّل للجمع بينهما.
أجل ، يستفاد من مجموع هذه الآيات بوضوح أنّ علم الغيب بإطلاقه وبلا قيد أو شرط مختصّ بـ «الذات» المقدّسة فحسب.
هو المحيط بكلّ عالم الغيب والشهود ، وهذا العلم قائم بذاته المقدّسة غير منفكّ عنها أبداً.