إثبات علم القادة الإلهيين عن طريق العقل
كان الكلام لحدّ الآن عن الآيات والروايات التي أثبتت مسألة إمكان علم الغيب للأنبياء والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، لكن علاوة على ذلك فهناك طريق آخر أيضاً لإثبات هذا المعنى وهو عن طريق العقل ، حيث إنّ هؤلاء العظماء لا يستطيعون أداء وظيفتهم على أتمّ وجه في حالة عدم اطّلاعهم على أسرار الغيب أو بعض منها.
بيان ذلك : نحن نعلم أنّ دائرة وظيفتهم واسعة جدّاً ، سواء من الناحية الزمانية أو المكانية ، خصوصاً فيما يتعلّق بمسألة رسالة نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله وإمامة الأئمّة عليهمالسلام إذ هي «عالمية» و «خالدة» ، أي أنّها شاملة لكلّ بقاع العالم ومحيطة بكلّ الأزمنة إلى قيام الساعة.
فهل يمكن لمحافظ مدينة ما مثلاً أن يؤدّي دوره في تلك المحافظة دون الوقوف على أوضاع أهاليها ، وإمكانات المنطقة وامتيازاتهم ومحرومياتهم؟ من البديهي أنّه غير قادر على ذلك.
ومع هذا فكيف يمكن لرسول مرسل إلى البشرية جمعاء ، وإلى يوم القيامة تبليغ رسالته دون الإطّلاع على وضع العالم إلى آخر يوم من مهمّته؟!
بديهي أنّهم لا يتمكّنون من الإحاطة بكلّ الأعصار والقرون ، أو الإطّلاع على الأقوام والطوائف عن طريق العلوم الإعتيادية ، إذن فلا سبيل لهم إلى ذلك سوى علم الغيب (بالتعليم الإلهي).
علاوة على ذلك فمساحة دائرة مسؤوليتهم لا تنحصر بالظواهر فحسب إنّما تمتدّ لتشمل ظاهر المجتمع ، وباطنه وجوهر الإنسان ومظهره أيضاً ، واتّساع المسؤولية هذه يستلزم بدوره الإطّلاع على أسرار أفراد المجتمع الباطنية أيضاً ، وهذا هو نفس ذلك الذي ورد في