٣ ـ معرفة يوسف بتفسير الاحلام
هل بإمكان الرؤيا إزالة الستار عن حوادث المستقبل والكشف عن المسائل؟
لو كان الجوابـ «نعم» ، فأي رؤيا هذه ، وهل تنطق الأحلام صراحةً أم كنايةً ، أو تكون صريحة تارةً وكنائية أخرى؟ وفي الحالة الثانية فمن أولئك الذين يجيدون لغة كناية الرؤيا ، ومن بيده هذا العلم؟
وأساساً ما هي حقيقة الرؤيا؟ وكيف ترتسم في روح الإنسان وذهنه؟
هذه هي الأسئلة المعقّدة التي تتطلّب الإجابة عنها الخوض في أبحاث مطوّلة ومفصّلة ، وخارجة عن موضوع بحثنا في نفس الوقت (١).
إنّ من المسلّم به في الأبحاث القرآنية أنّ بإمكان الرؤيا الدلالة على الأحداث كناية أو صراحة ، وقد أشار القرآن إلى سبع أحلام صادقة في سور مختلفة بالإمكان الوقوف عليها في «رسالة القرآن» ، المجلّد الأوّل في مبحث مصادر المعرفة (المصدر السادس ـ الكشف والشهود) (٢).
إنّ بعضاً من هذه الأحلام كان كنائيّاً (مثل حلم عزيز مصر) وبعضها صريحاً مثل حلم نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله حول دخول المسلمين إلى المسجد الحرام ، وأداء مراسم الحجّ.
ويصرّح القرآن في سورة يوسف بأنّنا علّمنا يوسف هذا العلم ، ونقرأ في قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ). (يوسف / ٦)
وقال أيضاً : (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ). (يوسف / ٢١)
ثمّ تجسّدت نماذج من تفسير يوسف للأحلام ، بما فيها الرؤيا التي قصها كلّ من السجينين عليه ، ورؤيا ملك مصر ، والتي تحكي كلّها عن إحاطته الكاملة بعلم تعبير الاحلام.
بديهي أنّ عدم اطّلاع الأنبياء عليهمالسلام على تعبير الأحلام لا يخدش في نبوّتهم ، لكن
__________________
(١) ورد هناك في التفسير الأمثل ، في الآيات المرتبطة بيوسف عليهالسلام ، بحث مفصّل نوعاً ما حول هذا الموضوع ، وان كان بيانه بالكامل يحتلّ كتاباً مستقلاً لوحده.
(٢) لمزيد من الايضاح راجعوا الى ج ١ ، ص ٢١٢ من هذا التفسير.