٦ ـ (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ...* اسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ... فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِيهِ). (القصص / ٣١ ـ ٣٢)
٧ ـ (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَايَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً). (الإسراء / ٨٨)
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
الإعجاز ، أوّل دليل على النبوّة :
كما تمّت الإشارة سابقاً فانّ لفظة الـ «معجزة» لم ترد في القرآن بالمعنى المصطلح عليه اليوم أبداً ، بل إنّ ألفاظاً أخرى من قبيلـ «آية» و «بيّنة» و «برهان» قد حلّت محلّها ، وعلى الرغم من إطلاق هذه الألفاظ الثلاثة في القرآن على معاني أخرى أيضاً ، فانّ «المعجزة» أحد معانيها.
الآيات المختارة المذكورة هي من أجلى الآيات التي تتحدّث عن المعجزة بالاستفادة من هذه الألفاظ الثلاثة ، بالإضافة إلى بعض الآيات الأخرى التي تعكس مفهوم ضعف الإنسان وعجزه عن مقابلة بعض ما يقوم به الأنبياء من بعض الممارسات الخارقة للنواميس الطبيعية بالمثل ، بالرغم من خلوّها من كلّ واحدة من هذه الألفاظ الثلاثة ، وبالنتيجة فهي تثبت استعانة الأنبياء بـ «الإعجاز» للتدليل على حقّانيتهم من جهة ، ومطالبة الناس بـ (المعجزة) من جهة أخرى.
ورد في الآية الاولى : (قَالَ إِنْ كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ* وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِىَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ).
إذ نرى هنا أنّ فرعون قد اعتبر المطالبة بـ «آية» أي «معجزة» حقّاً مشروعاً له ، ومن المعلوم أنّ موسى قد وافق بدوره على هذا الطلب برحابة صدر ، وجاء بنموذجين من معجزاته.