وهكذا بالنسبة لمعجزة سليمان عليهالسلام في مسألة تسخير الرياح والشياطين ، ومعرفة منطق الطير كانت متناسبة مع اتّساع رقعة ملكه وحكومته ، نظراً لتجاوز حدود مملكته لعالم البشرية.
هذا الكلام يمكننا استنتاجه بوضوح من قول الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام في معرض جوابه عن سؤالـ «ابن السكيت» (العالم المعروف بأدبيات العرب).
حينما سألـ «ابن السكيت» : لماذا بعث الله موسى بن عمران بيده البيضاء والعصا وآلة السحر ، وبعث عيسى بالطب ، وبعث محمّداً صلىاللهعليهوآله بالكلام والخطب؟
قال الإمام عليهالسلام : «إنّ الله تبارك وتعالى لمّا بعث موسى كان الغالب على أهل عصره السحر ، فآتاهم من عند الله بما لم يكن في وسع القوم مثله ، وبما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجّة عليهم.
وأنّ الله بعث عيسى في وقت ظهرت فيه العاهات واحتاج الناس إلى الطب ، فآتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله ، إذ أحيى لهم الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله ، وأثبت به الحجّة عليهم ، (طبعاً كانت مهنة الطب والطبابة رائجة كثيراً).
وإنّ الله بعث محمّداً صلىاللهعليهوآله في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام ، فآتاهم من كتاب الله ومواعظه وأحكامه ما أبطل به قولهم ، وأثبت الحجّة عليهم.
فحينما سمع ابن السكيت هذا الكلام قال : «تالله ما رأيت مثل اليوم قطّ» أو (تالله ما رأيت مثلك اليوم قطّ)» (١).
* * *
٤ ـ السحر لا يضاهي المعجزة
وهنا يرد سؤال مهمّ آخر كان قد تجسّد في كلمات العلماء منذ قديم الأيّام ، وهو أنّه كثيراً ما يشاهد أنّ أشخاصاً حتّى من الكفّار قد نالوا قسطاً من خوارق العادات نتيجة للرياضات
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ١١ ، ص ٧٠ (باب علّة المعجزة ، ح ١).