وقد أشار القرآن إلى هذه الحقيقة بتعابير دقيقة ، إذ يقول في موضع : (قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لَايُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ). (يونس / ٨١)
أجل فالسحرة أشخاص مفسدون ذوو أعمال باطلة ، ومن الواضح أنّ أعمالاً كهذه لا يمكنها أبداً أن تكون لها حيثية إيجابية في المجتمع.
وفي موضع آخر حينما يخاطب الله تعالى موسى يقول : (لَاتَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى) ثمّ يضيف : (وَأَلْقِ مَا فِى يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى). (طه / ٦٨ ـ ٦٩)
نعم ، فعمل الساحر مكر وخديعة ، ولابدّ لميوله النفسية أن تتلاءم وعمله هذا ، إنّهم أشخاص متقلّبون مخادعون ، كما يسهل تشخيصهم بسرعة من خلال صفاتهم وتصرّفاتهم ، في حين أنّ إخلاص وصدق وصفاء الأنبياء عليهمالسلام دليل مقرون بإعجازهم أضفى عليهم المزيد من الجلاء والوضوح (١).
* * *
٥ ـ منطق منكري الإعجاز
يتشبّث منكرو الإعجاز في بعض الأحيان بدلائل عقلية ظاهرية ، وقد ذكرنا فيما سبق نماذج لها وأجبنا عليها ، كما تمسّك البعض أيضاً بقسم من آيات القرآن ظنّاً منه بنفيها لمسألة معجزة الأنبياء ، خصوصاً معجزة نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله ، أو إنكارها للمعجزات من غير القرآن ، وأهمّ الآيات التي تمسّكوا بها أو التي يحتمل البحث فيها هي الآيات التالية :
١ ـ نقرأ في سورة الإسراء : (وَقَالُوا لَنْ نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً* أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيراً* أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً (قطعاً) أَوْ تَأْتِىَ بِاللهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلاً* أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِى السَّمَاءِ وَلَنْ نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّى (من هذا
__________________
(١) ورد نظير هذا المعنى في سورة يونس الآية ٧٧.