٢ ـ التحقيق في مضمون دعوة الأنبياء عليهمالسلام
إحدى الطرق الاخرى لمعرفة الأنبياء الإلهيين عليهمالسلام هي التحقيق فيما تتضمّنه دعواتهم ، أي مجموعة المعارف والأحكام والقوانين ، والبرامج الإنسانية والأخلاقية البنّاءة التي يدعون إليها.
وسنتكلّم عن هذه المسألة بالتفصيل في بحث النبوّة الخاصّة ، أي إثبات نبوّة نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله كمثال على ذلك ، إذ حينما نتأمّل في تعاليمه بدقّه نجدها وبالرغم من ظهوره في محيط يفتقر إلى كلّ أنواع الحضارة الإنسانية بين قوم نصف متوحشين غارقين في الخرافات والعادات الجاهلية ، تمزّقهم الخلافات الكثيرة والعقائد السخيفة والكثير من الأحقاد والعداوات ، نعم ، وبالرغم من كلّ ذلك نجد أنّ تعاليم الدين الاسلامي عبارة عن مجموعة من العقائد التوحيدية الخالصة الحاوية على أفضل المعلومات عن الله وصفاته الجلالية والجمالية ، والعديد من تواريخ الأنبياء عليهمالسلام المذكورة بما يتناسب ورفعة منزلتهم بالإضافة إلى الأحكام والقوانين المتضمّنة للعدالة الاجتماعية ، والبرامج العارية عن أوهام الخرافات والأخلاق والقيم التي تعدّ بحقّ متمّمة لمكارم الأخلاق ، ونظير هذه المسائل هو ما سنتطرق لشرحه مستدلّين بالآيات والروايات.
فهل بالإمكان ظهور مثل هذه التعاليم في مثل تلك البيئة ومن إنسان امّي؟ أليس هذا بنفسه خير دليل على صدق من جاء بها؟
ويكفي صدق نظير هذا المعنى لوحده في حقّ كلّ واحد من الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام للتدليل على صدقهم أيضاً ، وبعبارة اخرى : هل هناك معجزة أكبر من ظهور مثل تلك التعاليم من البشر؟ إنّ استحالة هذه المسألة بدون إمداد إلهي لا تخفى على أحد ، فهي المعجزة بعينها.