٥ ـ وهنالك تفسير ملفت للنظر لمسألة غشية النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله عند نزول الوحي عليه ، في حديث عن ابن عبّاس إذ يقول : «كان النبي إذا نزل عليه الوحي وجد منه ألماً شديداً ويتصدّع رأسُه ويجد ثقلاً ، وذلك قوله إنّا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ، وسمعت أنّه نزل جبرئيل على رسول الله صلىاللهعليهوآله ستّين ألف مرّةٍ».
* * *
٢ ـ الوحي في كلمات الفلاسفة المتقدّمين والمتأخّرين
فات الكثير من الفلاسفة القدماء والمعاصرين هذه الملاحظة وهي كون مسألة الوحي ارتباطاً خاصّاً للأنبياء بعالم ما وراء الطبيعة ، وانحصار علمنا به بالإجمال دون التفصيل ، إذ انّنا لا نرى سوى شبحٍ من بعيد ، ونتيقّن بوجوده دون العلم بحقيقة ماهيّته.
ومن هنا فقد سعوا للوصول إلى حقيقة الوحي ، لكنّهم اصطدموا بطريق مسدود بطبيعة الحال.
وهنا نتعرّض لنقد وتحليل نظريتين أو فرضيتين على الأصحّ للفلاسفة المتقدّمين والمتأخّرين حول هذا الموضوع لتتضح الحقيقة أعلاه :
النظرية الاولى : الفلاسفة القدماء كانوا يعتقدون أنّ حقيقة الوحي هي ارتباط الإنسان بـ «العقل الفعّال»!
بيان ذلك : إنّهم يعتقدون بالأفلاك التسعة البطليموسية وبوجود النفس المجرّدة لكلّ واحدة من تلك الأفلاك (أي ما يماثل الروح بالنسبة لأبداننا)! كما أضافوا : إنّ «النفوس» الفلكية تستلهم من موجودات مجرّدة تدعى «العقول» ، وبهذا فقد قالوا بـ «تسعة عقول» لتلك الأفلاك التسعة ، واعتقدوا وراء ذلك بـ «العقل العاشر» أو «العقل الفعّال» باعتباره المصدر لكلّ المعلومات.
كما كانوا يعتقدون من جهة اخرى بضرورة إفاضة العقل الفعّال على النفوس الإنسانية وأرواحها لتدرك الحقائق وتضفي الفاعلية على قابلياتها ، ويعتقدون بكون