إلى عبادته ومن عهود عباده إلى عهوده ، ومن طاعة عباده إلى طاعته ، ومن ولاية عباده إلى ولايته ، بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً» (١).
٢ ـ الغاية من إرسال الرسل في التصور العقلي
أ) عجز الإنسان عن التقنين الدقيق
هناك علاقة وثيقة وواضحة جدّاً بين بعثة الأنبياء عليهمالسلام والهدف من خلق الإنسان ، ولا يمكن لأحد الجمع بين الإيمان بالله وبين إنكار حكمته في كلّ الكون ، خصوصاً خلقة الإنسان ، بناءً على هذا فلابدّ من وجود هدف وراء خلق الإنسان ، وليس هذا الهدف سوى تربية مخلوق كامل يشعّ منه نور من صفات جمال الحقّ وجلاله ، ويليق بنيل القرب الإلهي.
ومن البديهي أنّ تربية موجود كهذا بدون تخطيط دقيق ومسبق في كافّة أبعاد الحياة غير ممكن ، هذا من جهة ، ومن جهة اخرى فهذه البرامج ليست بتلك السهولة التي يمكن للإنسان الإحاطة بجميع أبعادها مستعيناً بعقله الناقص ولعدم تمكّن الجميع من التعامل مع الوحي الإلهي بصورة مباشرة.
ويُفهم من هذه المقدّمات التي اشير إلى كلّ منها بصورة مختصرة ، بداهة أن يختار الله تعالى نوّاباً من قبله ليحملوا مشعل الهداية الإلهيّة إلى المجتمع البشري ليخرجوه من الظلمات إلى النور ، ومن النقص إلى الكمال ، ومن الجهل إلى العلم ، ومن الإنحراف إلى التقوى ومكارم الأخلاق ، ولا يخفى أنّ عدم تحقّق بعثة الأنبياء يؤدّي إلى عبثية خلق الإنسان وانتفاء الغاية والهدف.
وحيث إنّ الإنسان مدني بالطبع يستأنس بالحياة الاجتماعية ، فقد أودع الله تعالى حبّ مثل هذه الحياة في باطنه ليقوده عن طريقها نحو الهدف الأسمى ، إذ إنّ محدودية القوّة البدنية والفكرية للإنسان المنزوي لا يمكن إنكارها ، فلو عاش لوحده بعيداً عن أفراد نوعه لما وجدت هناك حضارة ولا اختراع واكتشاف ولا علوم ومعارف ، إذ إنّ اجتماع
__________________
(١) فروع الكافي ، ج ٨ ، ص ٣٨٦ ، ح ٥٨٦.