استلزم بدوره سنّ قوانين جديدة لحلّ المشاكل الناتجة عن ذلك ، ولذا ظهر الأنبياء للوجود واحداً بعد الآخر من أجل إنقاذ الناس وحل مشاكلهم.
هذه المسألة يمكن بيانها بشكل أفضل من خلال هذا المثال : خذ بنظر الإعتبار المراحل الدراسية للأطفال والفتيان والشباب ، بدءاً بالمرحلة الإبتدائية والمتوسطة وانتهاءً بالمرحلة الجامعية ، ومرحلة التخصُّص ، إذ العلوم المختلفة التي تدرّس في هذه المراحل ثابتة تقريباً ، لكنّها مختلفة بحسب المستويات ، فالطلبة كلّهم يدرسون الرياضيات مثلاً ، ابتداءً بطلبة المدارس الإبتدائية ومروراً بطلبة الإعداديات وانتهاءً برسالة الدكتوراه في الرياضيات ، في حين أنّ مستوياتها متفاوتة كثيراً ، إذ كلّما زاد استعداد الطالب كلّما ارتفع مستوى الدروس أكثر ، ومن هنا تأتي المراحل الدراسية الخمس (الإبتدائية والمتوسطة والإعدادية والجامعية والدكتوراه).
والأديان الخمسة التي بعثها الله للبشرية شبيهة بعض الشيء بهذه المراحل ، نوح عليهالسلام كان مسؤولاً عن تربية وتعليم الناس في أوّل مرحلة ، إبراهيم عليهالسلام في المرحلة الاخرى وكذلك موسى وعيسى ، كان كلّ واحد منهم معلّماً واستاذاً لإحدى هذه المراحل ، لتصل النوبة إلى آخر مرحلة ، ويتكفّل خاتم الأنبياء محمّد صلىاللهعليهوآله بالتعليم فيها.
ومن هنا يتّضح الجواب عن السؤال الثاني الذي كان يدور حول كيفية إمكان تكامل الأديان في منطقة واحدة والإعلان عن خاتميتها؟!
الدليل واضح ، إذ كما أنّ الإنسان يصل في مراحله الدراسية إلى ما يطلق عليه بـ «التخرّج» ، أو بعبارة اخرى أنّه يصل إلى المستوى الذي يكون قد استلم فيه الاصول العامّة والنهائية من معلّمه ، بحيث يتمكّن لوحدِهِ من حلّ المسائل المستحدثة في ظلّ تلك العموميّات.
فنبي الإسلام صلىاللهعليهوآله أيضاً قد جاء بتعاليم واصول تُحلّ عن طريقها كافّة المشاكل المستقبلية ، كما يمكن للمسلمين مواصلة طريق تكاملهم في ظلّ تلك الاصول والتعاليم ، والقرآن المجيد ذلك الكتاب الذي يكشف التمعّن فيه عن حقائق جديدة متناسبة مع متطلّبات كلّ عصر.