ومن هنا نستدلّ على نقص وعدم جدوى كلّ قانون غير قانون الله تعالى ، بل كلّ حكم دون حكمه تعالى زائل لا محالة ولا يمكن الاعتماد عليه ، وحينما ندقّق النظر القويم نجد أنّ كلّ مشاكل الإنسان ومعضلاته نابعة من رغبته في سنّ قانون لنفسه اعتماداً على علمه المحدود ، وبدوافع هوى النفس! وهذا هو أحد الأدلّة العقليّة على لزوم بعثة الأنبياء عليهمالسلام.
* * *
ب) التنسيق بين التكوين والتشريع
يمكن توضيح مسألة ضرورة بعثة الأنبياء عليهمالسلام عن طريق منطق وبيان آخر وهو أنّ إلقاء نظرة واحدة على عالم الخلقة كافية لإدراك حقيقة أنّ خالق الكون ومن أجل إيصال كلّ موجود إلى كماله النسبي ، قد وضع تحت تصرّفه كلّ ما يحتاجه وأزال عن طريقه كلّ الموانع ، ولم يقتصر على اللوازم الضرورية لطي هذا الطريق ، وإنّما منحه ما يحتمل كونه عاملاً مساعداً لبلوغ هذا الهدف وإن لم يكن ضرورياً ، فالطائر الذي خلق ليطير مثلاً ، نراه يتمتّع بهيكل يسهّل عمليه طيرانه من كافّة الجهات فضلاً عن أجنحته القويّة التي تكسبه قدرة عظيمة على التحليق عالياً.
وعندما منح الإنسان عينين لمشاهدة المناظر المختلفة ، فلم يكتف بالأعضاء الضرورية التي تستحيل الرؤية بدونها ، بل وضع تحت اختياره الكثير من الأعضاء التكميليّة إذ زوّد العين بـ «الأهداب» للحؤول دون دخول ذرّات الغبار ، ووضع في سقف الأجفان «غدداً دهنية» لتبقى رطبة دائماً وجهّز العيون بـ «غدد دمعية» ليبقى سطح العين رطباً دائماً لئلّا تحدث حركة الأجفان أدنى جرح فيها ، وأوجد «الحاجبين» كالسدّ فوق العينين لإكمال عملهما ولكي تمنع نزول العرق من الجبين عليهما ، وزوّد كرة العين بـ «عضلات» تمكّنها من الحركة إلى الجهات الستّ بحريّة.
كما أنّ بالإمكان الوقوف على الكثير من هذه النماذج في عالم الخليقة كلّه.
وهنا يرد هذا السؤال وهو أنّه هل يمكن للخالق الذي وضع كلّ هذه الوسائل المتطوّرة