الكمالات المعنوية للتقرّب إلى الله تعالى.
على أيّة حال فقد ورد ما يشبه هذا المعنى في لباس آخر كإجابة على تذرع المشركين ، حيث قال تعالى : (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ). (الأنعام / ٩)
كما أنّ هناك ملاحظة جديرة بالإعتبار ، وهي أنّ القرآن يؤكّد على كون نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله أو سائر الأنبياء عليهمالسلام قدوة ومثالاً يقتدى به ويوصي الناس بضرورة الإقتداء بهم في برامجهم العملية ، يقول تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). (الأحزاب / ٢١)
ويقول في موضع آخر : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ). (الممتحنة / ٤)
كما تكرّر نفس هذا المعنى في الآية السادسة من نفس هذه السورة.
على أيّة حال فمسألة التربية والتعليم عن طريق الإقتداء بالقادة الإلهيين مؤيّدة بالتحليل المنطقي والآيات القرآنية أيضاً.
* * *
٣ ـ اسلوب المخالفين
في قبال الأدلّة الكثيرة على لزوم إرسال الأنبياء عليهمالسلام المتقدّمة ، والتي نالت قبول الأكثرية القاطعة من العقلاء في العالم ، نجد أنّ مذهب البراهمة (١) نفى ضرورة بعث الأنبياء عليهمالسلام من الأساس ، بل اعتبرها مستحيلة وغير معقولة ، لاعتقاده بكفاية ما يعينه العقل للإنسان! وقد نقل الشهرستاني في كتابـ «الملل والنحل» بعضاً من شبهاتهم حول هذا الموضوع وقال :
__________________
(١) مذهب البراهمة هو من أقدم المذاهب المعروفة التي ظهرت في المشرق ، ومركزه الأصلي «الهند» ، قال الشهرستاني في كتابـ «الملل والنحل» : هذا الاسم مأخوذ من اسم «براهام» مؤسس هذا المذهب ، في حين أنّ «فريد وجدي» يقول في «دائرة المعارف» : إنّ هذا الاسم مشتقّ من اسم أحد آلهتهم الكبيرة أي «براهما» ، والبراهمة وفضلاً عن إنكارهم للنبوّة يعتقدون بنوع من التثليث أي الآلهة الثلاثة.