زواجك من هذه المرأة باعتبار أنّ زيداً هو إبنك بالتبنّي لا حقيقة ، ومن العار الزواج من زوجة الإبن بالتبنّي عند عرب الجاهلية ، في حين أنّ الأنسب أن تخاف الله تعالى.
فهذا التعبير يبيّن أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله على الرغم من كونه أفضل الأنبياء عليهمالسلام كان يخاف غير الله أيضاً في حين أنّ الآية تقول : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً). (الأحزاب / ٣٩)
فكيف يتمّ التوفيق بين هذين التعبيرين؟!
إنّ الإجابة عن هذا السؤال تتّضح من خلال ملاحظة واحدة ، وقد ذكرناها في «التفسير الأمثل» وهي أنّ خوف نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله هنا لم يكن على شخصه بل كان يخشى في الواقع أن يكون إقدامه هذا على نقض عادة الجاهلية تلك (زواجه من زوجة زيد المطلّقة) سبباً في خدش مكانته وتزلزلها في أذهان عموم ذلك المجتمع باعتباره واحداً من الأنبياء عليهمالسلام وبالتالي لا يتمكّن من تحقيق أهدافه الإلهيّة وإلّا فالإقدام على عمل كهذا وسط ذلك المجتمع الذي تغمره الامور العجيبة والغريبة لا أهميّة له أبداً من الناحية الشخصية مهما كان مخالفاً لفكر الناس وعاداتهم.
كما أنّ تقارب محلّ الآيتين من بعض يمكن أن يكون شاهداً آخر على هذا المدّعى أيضاً.
إذن فخوف النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله في هذه القضيّة هو مصداق للخوف الإلهي لا الشخصي (فتأمّل جيّداً).
٨ ـ التوكّل المطلق على الله تعالى
إنّ الأنبياء عليهمالسلام كانوا يُبعثون عادة بين أقوام قد غرقوا في الفساد الأخلاقي فضلاً عن الانحراف الفكري والعقائدي ، ولذا كانت دعوتهم لإزالة هذه الآثار السيّئة تواجه بثورة عنيفة من قبل ذلك المجتمع حتّى أنّهم كانوا يتّخذون العزلة في بعض الأحيان ، والذي كان يغذّيهم بالقوّة والمنعة لمواصلة تحقيق أهدافهم في مثل هذه الظروف هو مسألة التوكّل على