فيمكن استنتاج شمولية هذا الوصف لكلّ الأنبياء سواءً موسى عليهالسلام أو غيره.
فما هو «الإخلاص»؟ إنّ الإخلاص منزلة رفيعة جدّاً يؤكّد عليها علماء الأخلاق والعرفان كثيراً وهو أن يعتبر الإنسان ذات الباري جلّت قدرته هي المؤثّر الحقيقي في عالم الوجود لا غير ، وهذا نابع من المعرفة التامّة لتوحيد الله تعالى ، فيتوجّه العارف إلى الله تعالى بخالص نيّته ويعتبر كلّ البواعث غير الإلهيّة عبثاً ، ويضع كلّ وجوده رهن من يملك كلّ شيء ، وأخيراً يرى كلّ ما سواه باطلاً فانياً.
إنّ عمليّة تهذيب الإنسان من شوائب الشرك والهوى والبواعث الوهمية ، لها مرحلتان :
المرحلة الاولى : عن طريق تربية النفس على قدر طاقة الإنسان أي أنّه يرى نفسه بعد اجتيازه هذا الطريق بالجدّ والسعي الحثيثين في زمرة «المخلصين» (الذين قاموا بتنقية أنفسهم).
المرحلة الثانية : مرحلة تصفية الوجود الإنساني من الشوائب التي تخفى عليه لدقّتها ، وهنا يأتي دور العنايات الإلهيّة لمساعدة العبد في التخلّص من تلك الشوائب والأخذ بيده إلى مرتبة المخلصين وهذه هي المنزلة الرفيعة لأنبياء الله تعالى عليهمالسلام وأوليائه وخاصّة عباده.
ولا يخفى أنّ آثار هذا الإخلاص تتجلّى بكلّ وضوح في أعمالهم كما يمكن إدراك بلوغهم لهذه المنزلة من خلال حسن أقوالهم وتصرّفاتهم بكلّ سهولة ، وعلى أيّة حال فالإخلاص أحد الصفات البارزة لأنبياء الله تعالى عليهمالسلام.
* * *
١٠ ـ اللين والمحبّة وحسن الخُلُق
إنّ مسؤولية الأنبياء عليهمالسلام القيادية تفرض عليهم ضرورة مسايرة الناس ، واللّين أمام غلظة وفظاظة الجهّال المتعصّبين قدر الإمكان ، وبعبارة أدقّ : النفوذ في قلوب مختلف شرائح المجتمع عن طريق المحبّة ، وهذه صفة اخرى من صفات الأنبياء عليهمالسلام.