فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً).
وبالرغم من أنّ الآية أعلاه قد أشارت إلى الإبتلاءات بشكل غامض ، لكن وكما ذكر المفسّرون فانّ هذه «الكلمات» (أي الامور التي اختبر الله تعالى بها إبراهيم) هي من قبيل الإستعداد لتقديم ولده قرباناً وأخذ زوجته وإبنه إسماعيل إلى أرض مكّة القاحلة وإسكانهم فيها بأمر من الله تعالى ووقوفه الشجاع أمام عبدة الأصنام والهجرة المقرونة بالحرمان إلى المناطق المؤهلة أكثر للإيمان وأمثالها.
ويرى بعض المفسّرين أنّ ابتلاءات إبراهيم عليهالسلام قد بلغت الثلاثين مورداً (١) ، لكن ما تقدّم هو أهمّها ، فهو في الحقيقة قد وضع «حياته» و «أمواله» و «مكانته» و «زوجته» و «ولده» و «وطنه الذي كان قد ألفه» والتي تشكّل بمجموعها كيان الإنسان ووجوده في سبيل الله تعالى وخرج من بودقة الإختبار نقيّاً.
وعلى الرغم من أنّ هناك حديثاً طويلاً للمفسّرين حول تفسير «الكلمات» إذ اعتبرها البعض إشارة إلى مناقشاته الحادّة مع عبدة النجوم والشمس والقمر وبينما اعتبرها آخرون إشارة إلى سلسلة من الأحكام الفرعية للدين ، إلّاأنّ ما تقدّم هو أنسبها.
* * *
ثمرة البحث :
يمكن الإستنتاج ممّا تقدّم أنّ الأنبياء عليهمالسلام يتمتّعون بحصيلة من ـ الصفات والمميزات الخاصّة من وجهة نظر القرآن ، ولا نقول أنّ كلّ واحدة من هذه الصفات منحصرة بهم ، أو أنّها
__________________
(١) نقل كلّ من المرحوم الطبرسي في «مجمع البيان» ؛ والآلوسي في «روح المعاني» والقرطبي في تفسيره أنّ هذه الخصال الثلاثين من شرائع الدين قد وردت في أربع سور من القرآن الكريم عشرة منها في سورة (التوبة / ١١٢) (التَائِبُونَ الْعَابِدُونَ ...) وعشرة في سورة (الأحزاب / ٣٥) (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ...) وعشرة في سورة (المؤمنون / ١ و ٢) (قَدْ أَفلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ...) أو في سورة «المعارج» «سأل سائل». لكن يجب الالتفات إلى أنّ الصفات الواردة في السور أعلاه ، لا تبلغ الثلاثين صفة من معنى ولا تتجاوز الثلاثين من معنى آخر فضلاً عن أنّ تكرارها ممّا لا يمكن إنكاره ، وبناءً على هذا فقبول العدد ٣٠ لهذا الموضوع يبدو بعيداً بعض الشيء.