التقوى والعصمة
تمهيد :
بالنظر لتحمّل الرسل وحملة الوحي الإلهي أهمّ وأخطر مسؤولية في عالم البشرية ، وهي مسؤولية هداية الإنسان وتربية النفوس وتهذيبها وتنقيتها من كافّة الشوائب والممارسات اللاأخلاقية ، بالإضافة إلى تطهير المجتمعات البشرية من أنواع الظلم والتعسّف ، بطرق لا يمكنهم طيّها اعتماداً على العقل والفكر والمعلومات الخاصّة فحسب ، بل لابدّ والحالة هذه من تمسّكهم بأعلى درجات «التقوى» ، والتي نطلق عليها منزلة «العصمة» التي لا يمكن ضمان أهداف الرسالة بدونها.
ومن المؤكّد أنّ منزلة العصمة لا تعني «العصمة من الذنب والمعصية» فحسب ، بل لها فرع آخر لا يقلّ أهميّة عنها ، ألا وهو «العصمة من كلّ خطأ واشتباه وانحراف وضلال» ، ولا يخفى أنّ تحقيق الهدف من البعثة مرهون بإمدادهم بالتأييدات الإلهيّة من هذه الناحية.
ولكلٍّ من هذين القسمين تشعّبات اخرى أيضاً : كالعصمة من الذنوب كبيرها وصغيرها ، في فترة ما قبل النبوّة وبعدها والعصمة من الخيانة في تبليغ الوحي والرسالة و...
كما يندرج في قسم العصمة من الخطأ أيضاً كلّ من «العصمة من الخطأ في تلقّي الوحي وإبلاغه» ، والعصمة من الخطأ في القيام بالفرائض الدينيّة والأوامر الشرعية ، وكذلك العصمة من الإنحراف في الامور الدنيوية والشخصية. وهناك سؤال يتبادر للذهن وهو : هل تعود مسألة عصمة الأنبياء في كلّ هذه الأبحاث إلى هذين القسمين؟ وما هو الدليل على ذلك على فرض الصحّة؟ وما هو الدليل على الاختلاف الحاصل بينهما لو وجد؟