ولذا ـ وعلى حدّ قول بعض المفسّرين ـ يستفاد من هذه الآيات بما لا يدع مجالاً للشكّ ، أنّ سنّة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هي كـ «الوحي المنزل» (١).
امّا إلى ماذا يعود الضمير «هو» في جملة «إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَى»؟ الظاهر أنّه يعود على «النطق» المستفاد من جملة «ومَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى» ، أي أنّ «كلامه وحي إلهي» ، سواء أكان هذا الكلام آيات قرآنية أم أحكام ومواعظ وحكم ، وأمثال ذلك ، فكلّها تتمتّع بجذور إلهيّة.
وكما يستفاد من الآيات أعلاه أنّ المصدر الرئيسي للضلال والانحراف هو اتّباع هوى النفس ، وأنّ من يسيطر على هوى نفسه بشكل تامّ لا يعصي الله تعالى ، لأنّ تقواه تحفّظه من الإنحراف لاقترانها بوضوح الرؤية في كافّة المراحل ، وحين بلوغ المرحلة السامية ، يصل وضوح الرؤية بدوره إلى مرحلة الكمال أيضاً ، وبناءً على هذا لا يرتكب ذنباً ولا خطيئة (تأمّل جيّداً).
ثمرة البحث :
ممّا لاشك فيه أن الآيات السابقة لا تتماثل ولا تتشابه في بيان كيفيّة وأبعاد عصمة الأنبياء ، فبعضها يعتبرها عصمة من الذنب أو الصيانة من الخطأ فقط ، والآخر يعتبرها عموميّة وشموليّة لكلّ الامور ، والبعض تحدثت عن نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله ، والبعض الآخر عن الأنبياء السابقين ، بعضها وصفت العصمة بعصمة القول ، بينما البعض الآخر اعتبرتها شاملة للفعل أيضاً.
لكنّ مجموع هذه الآيات يثبت هذه الحقيقة ، وهي : أنّ الأنبياء منزّهون معصومون من أي ذنب أو خطأ ، كما أنّ عصمة أهل بيت النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله الثابتة بالآيات المذكورة ، هي ممّا لا يخفى وهو ما كنّا بصدده.
* * *
__________________
(١) يقول القرطبي في تفسيره ، ج ٩ ، ص ٦٢٥٥ وفيها أيضاً دلالة على أنّ السنّة كالوحي المنزل في العمل.