في الصراع مع الرسول صلىاللهعليهوآله ـ غير الرجوع إلى أبي طالب ـ لكي ينجوا من هذا الخطر الداهم ، وقد اتخذ الرسول صلىاللهعليهوآله من بيت الأرقم مركزاً للإشعاع الفكري ونشر الدعوة.
ممارسة الضغط على المسلمين الجدد :
بعد أن يئس زُعماءُ مكة من التأثير على أبي طالب ورسول الله صلىاللهعليهوآله ، التجأوا إلى تعذيب وايذاء المسلمين المستضعفين ليردوهم عن الإسلام فتضعف قدرة الرسول ومن ثم يترك الدعوة إلى الإسلام ، ومن بين أولئك المسلمين بلال ، وعمار ، وياسر ، وسمية ، والخباب بن الارت ، وصهيب ، وعامر بن فهيرة ، وأبو فكيهة ، ولبيبة ، وزبيدة ، ونهدية ، وأُم عبيس وأمثالهم ، إذ صَبّوا عليهم ألوان العذاب حتى استشهد ياسر وسمية ، ومر عليهم الرسول صلىاللهعليهوآله مخاطبهم قائلاً : «صبراً آلَ ياسر فإنّ مَوعِدكُم الجنَّةُ» (١).
ويحكي التاريخ عن كيفية تعذيبهم وصمودهم ما يستحق العجب.
التهمةُ والاستهزاء :
اتخذ المشركون اسلوباً آخر في محاربتهم للرسول صلىاللهعليهوآله كالتهمة والسخرية والاستهزاء ، فأتهموا رسول الله صلىاللهعليهوآله بأنّه ساحر ، وكاهن ، وشاعر ، ومجنون (٢) ، وكذبوه وآذوه ، ولم يتوقف رسول الله صلىاللهعليهوآله عن نشر دعوته لإظهار أمر الله سبحانه ، ولم تأخذه في اللهِ لومةُ لائم.
ومن الذين كذّبوا واستهزأوا وآذوا رسول الله صلىاللهعليهوآله أبو لهب ، والاسود بن عبد يغوث ، والحارث بن قيس ، والوليد بن المغيرة ، وابي ، وامية بن خلف ، وأبو قيس ، والعاص بن وائل ، والنضر بن الحارث ، وعدة آخرون حيث ذكر ابن هشام في سيرتهِ. «إنّه خَرَجَ يوماً فلم يَلقهُ أحدٌ من النّاس إلّاكذّبهُ وآذاهُ لا حرٌ ولا عبدٌ فرجع رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى منزله فتدثَّر من شدّة ما أصابه» (٣).
__________________
(١) الكامل ، ج ١ ، ص ٤٩١.
(٢) تفسير جامع البيان ، ج ٢ ، ص ٧١ ؛ وسيرة ابن هشام ، ج ١ ص ٣٠٨ ؛ والكامل ، ج ١ ، ص ٤٩٣.
(٣) سيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ٣١٠.